لقينا رجلاً يسأل عن تأويل مشكل القرآن. فقال عمر : اللهمّ مكّني منه. فبينما عمر ذات يوم جالساً يغدّي الناس إذ جاء الرجل وعليه ثياب وعمامة صفدي حتى إذا فرغ قال : يا أمير المؤمنين والذاريات ذرواً فالحاملات وقراً؟ فقال عمر : أنت هو؟ فقام إليه وحسر عن ذراعيه فلم يزل يجلده حتى سقطت عمامته. فقال : والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك ، ألبسوه ثياباً واحملوه على قتب وأخرجوه حتى تقدموا به بلاده ثمّ ليقم خطيب ثمّ يقول : إنّ صبيغاً ابتغى العلم فأخطأه. فلم يزل وضيعاً في قومه حتى هلك وكان سيّد قومه.
وعن أنس : إنّ عمر بن الخطّاب جلد صبيغاً الكوفي في مسألة عن حرف من القرآن حتى اضطربت الدماء في ظهره.
وعن الزهري : إنّ عمر جلد صبيغاً لكثرة مساءلته عن حروف القرآن حتى اضطربت الدماء في ظهره (١).
قال الغزالي في الإحياء (٢) (١ / ٣٠) : وعمر هو الذي سدّ باب الكلام والجدل وضرب صبيغاً بالدرّة لما أورد عليه سؤالاً في تعارض آيتين في كتاب الله وهجره وأمر الناس بهجره. انتهى.
وصبيغ هذا هو صبيغ بن عسل. ويقال : ابن عسيل. ويقال : صبيغ بن شريك من بني عسيل.
__________________
(١) سنن الدارمي : ١ / ٥٤ ، ٥٥ ، تاريخ ابن عساكر : ٦ / ٣٨٤ [٢٣ / ٤١١ رقم ٢٨٤٦ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ٤٦] ، سيرة عمر لابن الجوزي : ص ١٠٩ [ص ١١٧] ، تفسير ابن كثير : ٤ / ٢٣٢ ، إتقان السيوطي : ٢ / ٥ [٣ / ٧] ، كنز العمّال : ١ / ٢٢٨ ، ٢٢٩ [٢ / ٣٣١ ح ٤١٦١] نقلاً عن الدارمي ، ونصر المقدسي ، والأصبهاني ، وابن الأنباري ، واللالكائي ، وابن عساكر ، الدرّ المنثور : ٦ / ١١١ [٧ / ٦١٤] ، فتح الباري : ٨ / ١٧ [٨ / ٢١١] ، الفتوحات الإسلامية : ٢ / ٤٤٥ [٢ / ٢٨٨]. (المؤلف)
(٢) إحياء علوم الدين : ١ / ٢٨.