كتباً علميّة أو صناعيّة أو حكميّة أو أخلاقيّة أو طبّية أو فلكيّة أو رياضيّة إلى أمثالها ، وأخصّ منها ما كان معزوّا إلى نبيٍّ من الأنبياء عليهمالسلام كدانيال إن صحّت النسبة ولم يطرقه التحريف ، نعم ؛ إذا كان كتاب ضلال من دعاية إلى مبدأ باطلٍ ، أو دين منسوخ ، أو شبهةٍ موجّهة إلى مبادئ الإسلام يحرم النظر فيه للبسطاء القاصرين عن الجواب والنقد ، وأمّا من له منّة الدفع أو مقدرة الحجاج فإنّ نظره فيه لإبطال الباطل وتعريف الناس بالحقِّ الصراح من أفضل الطاعات.
ولا منافاة بين كون القرآن أحسن القصص وبين أن يكون في الكتب علم ناجع ، أو حكمة بالغة ، أو صناعة تفيد المجتمع ، أو علوم يستفيد بها البشر ، وإن كان ما في القرآن أبعد من ذلك مغزىً ، وأعمق منتهىً ، وأحكم صنعاً ، غير أنّ قصر الأفهام عن مغازي القرآن الكريم ترك الناس لا يستنبطون تلك العلوم ، مع إخباتهم إلى أنّه لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، ولا رطب ولا يابس إلاّ في كتاب مبين ، فالمنع عن النظر في تلك الكتب جناية على المجتمع وإبعاد عن العلوم ، وتعزير الناظر فيها لا يساعده قانون الإسلام العامّ كتاباً وسنّة.
والله يعلم ما خسره المسلمون بإبادة تلك الثروة العلميّة في الإسكندريّة وتشتيت ما في بلاد الفرس من حضارة راقية ، وصنائع مستطرفة لا ترتبطان بهدى أو ضلال كما حسبه الخليفة في كتب الفرس ، ولا تناطان بموافقة الكتاب أو مخالفته كما زعمه في أمر مكتبة الإسكندرية العامرة ، وما كان يضرّ المسلمين لو حصلوا على ذلك الثراء العلمي؟ فأوقفهم على ثروة ماليّة ، وبسطة في العلم ، وتقدّم في المدنيّة ، ورقيّ في العمران ، وكمال في الصحّة ، وكلّ منها يستتبع قوّةً في الملك ، وهيبةً عند الدول ، وبذخاً في العالم كلّه ، وسعةً فى أديم السلطة ، فهل يفتّ شيء من ذلك في عضد الهدى؟ أو يثلم جانباً من الدين؟ نعم ؛ أعقب ذلك العمل الممقوت تقهقراً في العلوم ، وفقراً في الدنيا ، وسمعةً سيّئةً لحقت العروبة والإسلام ، وفي النقّاد من يحسبه توحّشاً ، وفيهم من