وأتت حليمةُ وهي تنظر في ابنِها (١) |
|
سرّا تحارُ لوصفِهِ الأذهانُ |
وغدا ابنُ ذي يزنٍ ببعثِكَ مؤمناً (٢) |
|
سرّا ليشهد جدّك الديّانُ |
شرح الإلهُ الصدرَ منك لأربعٍ (٣) |
|
فرأى الملائكَ حولَكَ الأخوانُ |
وحييتَ في خمسٍ بظلّ غمامةٍ |
|
لك في الهواجرِ جرمُها صيوانُ |
ومررتَ في سبعٍ بديرٍ فانحنى |
|
منه الجدارُ وأسلمَ المطرانُ |
وكذاك في خمسٍ وعشرين انثنى |
|
نسطورُ منك وقلبُه ملآنُ |
حتى كملتَ الأربعينَ وأشرقتْ |
|
شمسُ النبوّة وانجلى التبيانُ |
فرمت رجومُ النيِّراتِ رجيمَها |
|
وتساقطتْ من خوفِكَ الأوثانُ |
والأرض فاحت بالسلام عليك وال |
|
أشجارُ والأحجارُ والكثبانُ |
وأتت مفاتيحُ الكنوزِ بأسرِها |
|
فنهاكَ عنها الزهدُ والعرفانُ |
ونظرتَ خلفَك كالأمام بِخاتمٍ |
|
أضحى لديه الشكُّ وهو عيانُ |
وغدت لك الأرضُ البسيطةُ مسجداً |
|
فالكلُّ منها للصلاةِ مكانُ |
ونُصِرتَ بالرعبِ الشديدِ على العدى |
|
ولك الملائكُ في الوغى أعوانُ |
وسعى إليك فتى (٤) سلامٍ مسلماً |
|
طوعاً وجاء مسلِّماً سلمانُ |
وغدت تكلِّمكَ الأباعر والظبا |
|
والضبُّ والثعبانُ والسرحانُ |
والجذع حنَّ إلى علاك مسلِّماً |
|
وببطن كفِّكَ سبَّح الصوَّانُ (٥) |
__________________
(١) حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية مرضعة رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم أقام عندها نحواً من أربع سنين. إمتاع الأسماع : ص ٢٧ [ص ٦]. (المؤلف)
(٢) سيف بن ذي يزن الحميري ؛ له بشارة بالنبي الأعظم ، أخرج حديثها الحافظ أبو بكر الخرائطي في كتابه هواتف الجان ، وحكى عنه جمع من الحفّاظ والمؤرخين في تآليفهم. (المؤلف)
(٣) في هذا البيت وما يليه من الأبيات إشارة إلى قضايا من دلائل النبوة ، توجد جمعاء في كتب الدلائل والسيرة النبوية ومعاجم التاريخ. (المؤلف)
(٤) هو عبد الله بن سلام ، يوجد حديث إسلامه في سيرة ابن هشام : ٢ / ١٣٨ [٢ / ١٦٣]. (المؤلف)
(٥) الصوّان جمع الصوانة : حجر شديد يقدح به. (المؤلف)