وطول إقامتهم بجبال الألب إلى القرن ١٢ مسيحي وهو كلمة «سرزا» مصحفة من لفظ مشارقة كما صرح بجميع ذلك أعظم المؤرخين الفرنساويين. ونحن الآن عالة في التاريخ والمعارف على أروبا وعلى كتبها في القرون الأخيرة مثلما نستفيد بواسطتها مشاهدة مصنوعاتنا العتيقة وكتبنا التي حوتها خزاينها من تآليف القرون الأولى والوسطى كما سيأتي في مكتبة باريز. ونستمد تحقيق الحوادث وجليل المسائل ونوادر الفوائد من جرائدها ومجلاتها وكتبها ودروسها. ولا زالت بعض الأعلام العربية في الأشخاص واللباس والأماكن مستعملة إلى الآن في تلك الجهات ، فمن ذلك «الفار» اسم قرية محرفة عن الواعر لصعوبة موقعها في شرقي كرونوبل وجنوب شانبيري ، و «برايدا» اسم مجرى ماء بين الجبال يمر على الفار ويصب بنهر إيزاير محرفا عن باردة ، و «أليب» و «ممود» بقلب العين همزة وحذف الحاء أعلام أشخاص ، وأصلهما علي ومحمود ، و «فودا» اسم ثوب يجعل من أمام محرفا عن فوطة. قلت ودرام الذي هو اسم نهر في كرونوبل علم أيضا على جبل للبربر في المغرب ذكره ابن خلدون. ولعل تسمية النهر وضعها الإفريقيون أولا على جبل في كرونوبل يشبه جبالهم ثم أطلق على النهر المنحدر منه وهذا لا غرابة فيه ، فبالمملكة التونسية أسماء بلدان وجبال وغيرها من لغات الأمم الغابرة وتحرفت نوعا لمخالفة اللسان الوارث للأرض (إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْها) قام في القرن الثاني عشر على العرب سادات تلك الجهات وحاربوهم وألجؤوهم إلى الجبال التي لا زالت بها آثار مساكنهم. وأخيرا فر بعضهم وقتل البعض واختلط الباقي بالسكان الأصليين ـ فبذروا مشتلة من مفردات اللغة العربية في تلك الأصقاع تلوكها الألسنة إلى الآن ، وأورثوا عنصر السكان الأصليين بموجب الامتزاج ملامح الوجوه وأشكال الرؤوس في أحواز (الفار. وبوردوازان) شرقي كرونوبل. يقرأ القايف تلك السّمات في وجوهم ، ويربط بها سلسلة أنساب الخلف بالسلف ، ويتوصل المتفرس بمسحة الجمال العربي والذكاء والرصانة التي لأهالي أحواز كرونوبل إلى إثبات الامتزاج بين ذينك العنصرين العظيمين المتولد منهما جنس جامع بين جمال الصورة ونباهة الفكر وحسن الخلق. وممن لدينا في المملكة من سراة تلك الجهات السيد تيار المستعرب الشهير ، واسع العلم والتفكير ، والسيد (ما يري) مدير المكتب