الشرقيون وكادت أن تكون مع قنطرة مون بلان بمنزلة الرصافة من الجسر في بغداد ، عرفني فيها تلامذة إسرائليون من تونس شمامة ـ شطبون دباش. يتلقون في دروس الطب. وجنيف شهيرة مكاتبها في هذا العلم ، طائرة السمعة في القارات ، وبها كثير من أبناء آسيا باللباس الأروباوي تماما. وكنت لا أعرفهم وهم يعرفونني ويهتدون إلي باللباس التونسي المحترم في كل جهة. والكلام عليه سيأتي في باريز وأذكر هنا من خطبة الدكتور «كريستيان سنوك هرغرنج» الهولاندي المستعرب والعالم بشئون الإسلام والمسلمين جيدا ما يأتي : ففي كل المدارس الأروباوية الكبرى تجد كثيرين من الطلبة المسلمين وهم من فئة المتنورين الذين بواسطتهم تحدث التغييرات الأولى في الإسلام. وهؤلاء الشبان من أهل العالم قد درسوا العلوم الغربية بفروعها نظير خيرة طلبتنا الغربيين. وهم لا يقومون بكل الفرايض المطلوبة من المسلم الحقيقي لأنهم مثلنا في طرائق اللباس والمأكل والمعيشة. وقال : من زمان كان فيه المسلم يعرف أخاه المسلم بألف طريقة مختلفة كأخلاقه وطريقة معيشته ولباسه وأكله ، ولكن كل هذه المميزات أخذت تزول بالتدريج بل إن الميزة الوحيدة التي كان بها المسلم يقدر أن يعرف أخاه في الدين سيزيلها التهذيب والتعليم ببقية معروفة من العقيدة الدينية ـ وممن عرفت تلميذا صينيا من شانغاي اسمه أسياسي يحب الحركة دائما ولا يستقر في قيام أو جلوس طويلا ، يمثل الجنس الأصفر النشيط الذي لا يهجع إلّا قليلا. ولا ينفك عن العمل ومتى تهذب برز وتقدم سريعا. والحديث عن الجابون وأخبار نهضتهم الفائقة ملأ الصحف والآذان ساريا مع أشعة الشمس من المشرق إلى المغرب. سرني التعرف بالتلامذة التونسيين أبناء الوطن وتغربهم لمزاولة علم الطب بقدر ما ساءني عدم وجود تلامذة من أبناء الجنس يأخذون هذا العلم النفيس المفيد لصاحبه والشامل نفعه لكافة أبناء الدنيا. انظر إلى الشبان الذين أخذوا مبادي عملية في الطب بالمستشفى الصادقي عن الحكيم برانسفيك كيف نفعوا في المستشفيات التي أسسها الحكومة ببلدان المملكة التونسية وسدوا فراغا عظيما وقاموا بأعمال مهمة. وجدت إسرائيليا يسمى الكسراوي في وجهة تجارية ببلدان السويس وكنت عرفته قبل في مرسيليا.
ولم أصادف مسلما في هذا السبيل. والإسرائليون لهم حضارة عتيقة واستعداد للرقي