يحيى بن خالد : الدنيا سعة المنزل ، وكثرة الخدم ، وطيب الطعام ، ووطاءة الفراش ، وطيب الرائحة ، وموافقة الأهل ، والقدرة على الإحسان بالإخوان. وشكل هذا التور يشبه منار القصر بسوسة الذي بناه زيادة الله ابن الأغلب أول القرن الثالث ، وهو أحد أشكال الصوامع العربية والقديم العهد. وكان معروف الاستعمال في الشواطئ لحراستها حسبما يأتي عند ذكر تور بلانش في إيسودان. ثم الشكل المربع كصومعة جامع القيروان ثم كثير الأضلاع ، وهذا ظهر في المملكة التونسية من الأندلس والشرق. ونقل فارس أن أول منارة عرفت في الزمان القديم المنارة التي بنيت قبالة الإسكندرية في عهد «بطليموس فيلادلفوس» ملك مصر سنة ٢٨٢ قبل الميلاد واسمها أطلق على كل منارة بنيت بعدها إلى يومنا. وهي ثلاث طبقات ، الطبقة الأولى مربعة والطبقة الثانية مثمنة والطبقة الثالثة مدورة. قلت فهذه جمعت بين سائر الأشكال ، فكانت لمن بعدها أحسن مثال. تظهر من التور المزارع والقصور والرياض متصلة برؤوس الجبال ، وتشاهد قطع الأرض صغرى متجاورات بما يدل على عزة الأرض وتزاحم العمران بالسكان الذين يجعلون لانحدار الأرض في سفح الجبال روافع حجرية وبالألواح ليتساوى سطح الأرض ويغرس ويبذر ، فترى قطع الغراسة متدرجة في الجبال إلى أعلاها. وأرضهم حجرية وليست بجيدة في الغالب غير أن موالاة العمل وكثرة الأمطار أجبرت الأرض على الخصب. والجبال التي على ضفتي البحيرة جنوبا وشرقا شاهقة وبها بقايا من ثلج الشتاء. والسحب متلبدة على أعاليها كأنها تقي تلك الثلوج من الشمس ليبقى من جمال منظرها وبرودة مائها في الصيف بقية يتمتع بها قصاد بحيرة السويس الكثيرون. تذكرت من كثرة السحب بلا مطر والغيوم الراكدة في الجو حول البحيرة ما قرره ابن خلدون حيث قال : البحر الأخضر لتلونه غالبا بالخضرة ويسمى بحر الظلمات تقل فيه الأضواء من الأشعة المنعكسة على سطح الأرض لبعده عن الأرض فيكون مظلما ، ولفقدان الأضواء تقل الحرارة المحللة للأبخرة فلا تزال السحب والغيوم متكاثفة على سطحه منعقدة هنالك متراكمة. فصريح عبارته إن ضوء الشمس يقل في البحار لبعدها عن الأرض وإنه في البر أكثر لأجل الانعكاس وهذا غير مفهوم ، لأن الشمس تفيض الأشعة على الكرة برها وبحرها سواء. كما تفيد عبارته أن الأبخرة التي على البحار تبقى متراكمة لقلة