الضوء والحرارة مع أن بخار البحار من حرارة الشمس المنطبعة في مائها كماء القدر على النار يتصاعد بخاره من حرارتها.
منترو : ذهبت إلى منترو وهي على الشاطي مثل فيفي وشرقي عنها بنحو أميال ٦ ، وبها محطات للقطار ومراسي بحرية تقابل محطات سكة الحديد وهي مزاحمة إلى فيفي في الحسن. ويظهر أن منترو أكبر سمعة وأوفر قاصدا وأعظم تجارة وألصق للجبال الشامخة حولها من الشرق والشمال ، ولها طرق كثيرة متعرجة في الجبال مطروقة بأقدام الأغراب ، ومنها رأس خارج في البحر وبعدها عن جنيف نحو الثمانين ميلا وسكانها نحو العشرين ألفا بما حواليها فيما بلغني.
قصر شيو الجنوبي من منترو قصر مشهور بمن سجن فيه أو زاره من ذلك حيث صار أخيرا دارا للآثار ، وآخر من سجن فيه شماس من لوزان مضاد للدستور عام ١٨٤٨.
وفي القديم كانت تلك الجهة منفى والآن صارت منتزها ، وكأن ذلك القصر أبى إلا أن يكون حاويا حافظا في جميع أحواله للنفائس إما تغريبا للحيوان أو ترغيبا له.
وإرادة البشر تحسن وتقبح وتونس وتوحش. فما أقدر البشر على التلاعب بالأمكنة يسعدها ويشقيها ، يرغب فيها وينفر منها ، ولو لا الزمان الذي يلعب أيضا بالسكان لما كانت لتوجهات الناس غاية ولتقلباتهم نهاية. كان اسم شيو معروفا هناك من القرن التاسع أما بناؤه الحالي فمن القرن الثالث عشر سجن به بونيفار سنة ١٥٣٠ ستة أعوام في مقاصد مصلحة بلاده وأطلق. وقد رأيت صورته مقيدا من يديه بسلسلة عظمى مربوطا إلى بعض أعمدة القصر مكشوف الرأس وشعره أشعث وهو واقف بنعله العتيقة ، وقد ترك أثر المشي بقدميه على بلاط الساحة المحيطة بتلك السارية مثل الدائرة التي تبقى حفرا في الأرض من سير دابة الطحن ، والشمس من كوة القصر رسمت ظله على العمود المربوط به بونيفار وقد اتكأ عليه للاستراحة ورؤية ضوء الشمس التي اشتاقها وحرموه من مشاهدتها فلا يراها إلّا لحظات خفيفة. يتخيل الناظر من تلك الصورة والخيال المطبوع في السارية ظلا من بونيفار كأن الشمس آنسته بوجهها الجميل وولدت له منه خيالا يونسه أيضا عند ما يراه شخصا ثانيا معه والشمس ثالثتهما ولا مشارك لنجوى هؤلاء الثلاثة إلّا الله رابعهم. فما أعظم منة الخالق بهذا الكوكب العظيم على كافة المخلوقات «راجع قصيدة الشمس ومنافعها