بالمجاز المذكور درج يصعد بها إلى المكتبة الخطية ، وبيت المطالعة على اليسار ويقابلها يمينا وجنوبا بيت به الكتب الغريبة النفيسة ، يباح الدخول له في بعض الأيام لمشاهدة الخطوط والصور بالعين فقط. وبالمكتبة الخطية أنواع الخطوط العربية وغيرها على اختلاف أنواعها وأطوارها وأعصارها وفنونها. قرأت على بعضها ألفاظ التحبيس ، والدخول برخصة بعد تقديم مطلب كتابة للناظر في بيت بمجاز الطبقة العليا يستظهر به للكاتب بداخل الباب من بيت المطالعة ، وهو يراقب أيضا ما يدخل به المطالع من الأوراق وما يخرج به منها. وفي داخل البيت يكتب الراغب في بطاقة حمراء اسمه والمكان الذي يقطنه في باريز والكتاب المرغوب وعدده من الفهرس ، ولا يطلب أكثر من ثلاثة كتب في دفعة واحدة. ووقت المطالعة قصير من الساعة العاشرة صباحا إلى الرابعة مساء ، لذلك يغتنم غالب الراغبين في المطالعة الاستفادة ملازمة المكتبة في كامل تلك المدة وتقضية تلك السويعات التي تمر كسرعة قطار باريز بين رياض الكتب وفنونها ، وأزهار المسائل وعيونها ، ويتناولون غذاءهم من المطبخ الذي بمجاز الطبقة السفلى وقدمنا الكلام عليه.
توجد نسخة من كتاب مقامات الحريري بخط مشرقي غليظ على كاغد عتيق أسطرها ١١ والكلمات بها من ثماني إلى عشر. وهي ناقصة وغير مرتبة صحفها في التسفير. بها صور كثيرة ملونة وأحسن ما يستفاد منها هيئة اللباس في القرن السابع الذي ترجع إليه كتابة النسخة فيما يظهر ، وكذلك لبوس القرن قبله الذي تألفت فيه المقامات لأن من لوازم حسن الذوق في التصوير الحرص على مشاكلة اللباس أيام الوقائع «التأليف» بقدر الطاقة. وفي آخر ورقة منها : فتنفس تنفس من ادكر أوطانه وأنشد والشهيق يلعثم. ـ عدد هاته النسخة ٣٣٢٩ من الكتب الخطية العربية. أخذت منها صورا بالفوتغرافيا بواسطة أحد أعيان مجلس الشيوخ المسيو كابار الذي نسدي له جزيل الشكر على المعاضدة العلمية ، زيادة على حسن الملاقاة الودية. وكانت المكتبة منعتني من ذلك في بادي الأمر. فالصورة الأولى من المقامة الثانية الحلوانية ومطلعها : حكى الحرث بن همام قال كلفت مذ ميطت عني التمايم ، ونيطت بي العمايم ، بأن أغشى معاني الأدب ، وأنضي إليه ركاب الطلب. إلى أن قال : حضرت دار كتبها التي هي منتدى المتأدبين ، وملتقى القاطنين منها والمتغربين ، فدخل ذو