لحية كثة ، وهيئة رثة ، فسلم على الجلاس ، وجلس في أخريات الناس. والصورة الثانية من المقامة السادسة المراغية ومطلعها : روى الحرث بن همام قال : حضرت ديوان النظر بالمراغة ، وقد جرى به ذكر البلاغة ، فأجمع من حضر من فرسان اليراعة ، وأرباب البراعة ، على أنه لم يبق من ينقح الإنشاء ، ويتصرف فيه كيف شاء ، إلى أن قال في المقالة التي كلمة منها معجمة والأخرى مهملة : الكرم ثبت الله جيش سعودك يزين ، واللؤم غض الدهر جفن حسودك يشين. «وبعد النثر والنظم قال» : ثم أن خبره نمى إلى الوالي ، فملأ فاه باللآلي ، وسامه أن ينضوي إلى أحشائه ، ويلي ديوان إنشائه إلخ. ولا يستغرب أن يملأ الممدوح فم الشاعر باللؤلؤ الذي هو أمر نزر في جانب إعطاء الولايات التي تمتلئ منها الخزائن مالا وجوهرا. فقد ذكر ابن خلدون أن العادل بن المنصور المومني الموحدي دخل عليه ابن أبي محمد ابن الشيخ أبي حفص فقال له : كيف حالك. فأنشده :
حال متى علم ابن منصور بها |
|
جاء الزمان إلي منها تائبا |
فاستحسن ذلك وولاه إفريقية. وقد نقلنا شيئا عن الجائزة والسفر للاستجداء بالشعر في المقدمة بقسم السفر المالي. ونظير ما قصه الحريري أن أحد الملوك سأل بعض جلاسه عن سبب منع الصرف لعمر فأجابه بقوله : لما فيه مما عندك من العدل والمعرفة. فقال الملك املؤا فاه بالجواهر.
أما وصول المقامات إلى المغرب فقد نقل الحموي أن أبا عمر يوسف ابن خيرون القضاعي الأندلسي سمع من أبي عمر يوسف ابن عبد البر وحدث عنه الموطأ ودخل بغداد سنة ٥٠٤ ، وسمع من أبي القاسم بن بيان وأبي الغنايم ومن أبي محمد القاسم بن علي الحريري مقاماته في شوال من هذه السنة ، وعاد إلى المغرب فهو أول من دخلها بالمقامات. تصفحت رياض النفوس للمالكي القيرواني تحت عدد ٢١٥٣ بصحيفة ٣٨١ من الفهرس وهو بخط رديء تصعب قراءته من نسخ بل مسخ أدوار السقوط ، بل التلاشي للخطوط ، وإهمال رسم الأحرف وضعف الملكة في هاته الصناعة كبقية الصنايع العربية. ومن بعد سقوط الدولة الحفصية التي كان بها الخط