وعمروها أكثر من عمراننا ، يستأجر على تعيين مواقع تلك الآبار فتوجد تحت طبقات من الأرض على حسب ما قال ، وهي رحمة كبرى ومنفعة عظمى وفرصة ثمينة في صاحب هاته الخصيصة لاستنباط المياه المحتاج لها القطر في غالب الجهات.
يجول بخاطري كلما كررت الزيارة لهاته المكتبة المفعمة بكنوز العلوم ونفائس الخطوط ما كان ببغداد من الكتب التي ابتلعتها الدجلة بالقرن السابع على يد التتار.
ومن أشد أعداء الكتب الماء والنار ، فمكتبة الإسكندرية قبلها التي حدثوا عنها قد أفناها الحريق بالتمام ولكن على غير يد الإسلام. وما كان بمكتبة المستنصر الأموي ابن الملك الناصر صاحب قرطبة بالأندلس ٣٥٠ ـ ٣٠٦ من المؤلفات والكتب الخطية التي بلغت إلى نحو أربعمائة ألف. وما بمكتبة يوسف بن عبد المومن بن علي بمراكش ٥٥٨ ـ ٥٨٠ ، وقد بلغت ثروتها إلى مساواة مكتبة المستنصر بقرطبة ، وما بمكتبة الحاكم بأمر الله بمصر في أواخر القرن الرابع وهي المسماة دار الحكمة «والمكتبة الخديوية الآن قامت مقامها». وما بمكتبة القيروان التي لا زالت منها بقية من الصحف تنبئ أنواع خطوطها وتواريخها وأصناف ما كتبت عليه من الرق والكاغد عما كان لها من الأهمية في بحر قرنيز تقريبا أي من أواسط الثالث إلى أواسط الخامس في منتهى قوة وحضارة دول ثلاث وهي الأغالبة والعبيديون والصنهاجيون بسلطنة شمال إفريقية العظمى وعاصمة القيروان المحترمة.
وقد أشار جناب المسيو روا الكاتب العام بالدولة التونسية محب العلم وأهله بحفظها وتحرير برنامج لها ، فاجتمع في بيت الحكمة بالقيروان بفضل هذا الرجل العظيم شيخ الحكمة وأستاذ التشريع بعض رفاة من المخطوطات ، وعادلها ذكر في الحياة. ابتدئ في العمل بذلك الإذن فوق عشرة أعوام سابقة وتم جانب له بال بإعانة الفرد الإمام العلامة الشيخ سيدي محمد صدام كبير أهل الشورى بالقيروان. وأنجز العبد كثيرا بعد ذلك من ضم صحف كل علم إلى نظائرها وجمع ما كان مفرقا في عدة أماكن من الجامع وبيوت المؤذنين. وكثيرا ما ألحقت وألحق الشيخ الإمام المذكور إلى تلك المكتبة ما يعثر عليه في بعض التركات من الصحف العتيقة لأن القيروان مدينة علم ولا تخلو بعض ديارها من المخطوطات الأثرية.
أما مكتبة تونس فقال التجاني : لما ولي الواثق استدعى الحسن بن موسى الهواري