ظاهرن بين المصبغات التي ينطبق عليها قول الشاعر :
كأذيال خود أقبلت في غلائل |
|
مصبغة والبعض أقصر من بعض |
وكما قال الأديب الشريف السيد صالح سويسي في قصيدته التي أرسل لي بها في باريز :
يرفلن في حلل الحرير ترفها |
|
ويمسن كالأغصان في ذاك الحمى |
فالجفن ريشت للقلوب نباله |
|
ولكم أصاب مقاتلا مهما رمى |
والمرأة في فرانسا هي كل شيء ولها كل شيء ، فالجوهر والحرير والزينة وإن شئت قلت المال للمرأة ، والاحترام للمرأة ، والتقدم للمرأة ، والفؤاد للمرأة ، والمنزل للمرأة ، ونفوذ الكلمة للمرأة. والحرية للمرأة إلخ وبالجملة فمن لم يحضر التمثيل بالأبرا لم يعرف درجة الاعتناء باللهو والانهماك فيه والاحتفال بمجامعه في باريز.
يذكرون أن الموسيقيين هناك من أبرع أرباب الصناعة وكذلك الممثلات ، وفعلا ترى لهن حركات في المرسح غير مألوفة ولا سهلة العمل ، حتى يتخيل لخفة الأجسام وتنوع الحركات والانفتال والجري على أطراف الأصابع وسرعة الدوران أنهن طائرات سابحات في فضاء واسع تمدد أطرافه وتفسح مجالاته ، وتستحضر مناظره الطبيعية سيمياء الستاير الملونة بالأدهان ، وأنامل الرسامين بما أبدعوا فيها من الغابات والجبال والقصور والأنهار والسحب والكواكب. وكلما أجهد الإنسان بصره ليرى ذلك الستار القائم وراء الممثلين إلّا وخدعته عينه وأرته أفقا فسيحا ومنازل كثيرة ، وبساطا أرضيا وسماء وراء الممثلين صناعيا لا فرق بينها وبين الحقيقة. وكلما أتم الممثلات دورا من أعمالهن إلا وارتجت جدران القصر بالتصفيق للاستزادة والإعادة ، فتخرج الممثلة وتضع يدها على فيها ثم تمدها نحو المتفرجين إشعارا بالشكر والاحترام منها ، فطابق هذا التسليم من الجواري ما كان مألوفا منهن عند ملوك الإسلام ، وحاكتها