٣. والصور الدهنية كثيرة على الجدران أرشدنا الدليل إلى صورة من بينها ، بها رجل مستلق ومن كل جهة أتاه الناظر يحسب أبصاره وامتداده نحوه. وإلى صورة من مناظر معرض عام ١٨٨٩ بها رئيس الجمهورية المسيو كارنو وأعلام الطرق ترفرف على وفد الجزائر بلباسهم ، فسألت البركادي الذي كان مصاحبا لي من طرف إدارة فرساي التي أرسل بعض معارفنا كتابا إلى كاتبها بالوصاية بنا : وهل توجد صورة للاستعراض العسكري في عام ١٨٧٨ الذي أقامته الدولة الفرنساوية احتفالا بضيوف المعرض ، وتجاوز المتفرجون فيه نصف مليون ، وعند ما احتبك الموكب قدم رئيس الجمهورية مسيو مكماهون على حصان أشهب عربي يتقدمه ثمانية فرسان من عرب الجزائر ببرانيسهم وسروجهم العربية؟ فلم يعرف ذلك. وقفت ببيت الحرب على صورة هنري الرابع راكبا تقدم إليها مفاتيح ، فقلت للدليل لعله هنري الرابع عند ما منع من الدخول إلى باريس لما كان على اعتقاد البرتستانت إلى أن رجع إلى الاعتراف بالتعليم الكاتوليكي ، فدخل إلى باريس وقيل له اليوم نقدم إليك مفاتيح باريس.
فقال لي : أتعجب من اطلاع التونسيين على دقائق تاريخ فرنسا ، فأجبته بأن مثل هنري الرابع الملقب بالكبير «لوكراند» ١٥٨٩ ـ ١٥١٠ لا يجهل وهو صاحب الهمة العالية التي كان يصفح بها عن الأعداء حتى قال ، وهو من ألفاظه الحكمية في الحلم ما معناه : «إن لذة الانتقام تمر مر السحاب ولذة الحلم تبقى مدى الأحقاب» ، وهو المحب في العلم وإكرام العلماء والجيد الانتخاب في الرجال الذين يستخدمهم.
والشجاع الذي يستسهل الأخطار. وقد قيل في مدحه وذم المزاحم له : إن هنري الرابع يمكث في الفراش أقل مما يمكث عدوه على المائدة ، وهذا غاية المدح له والحزم منه.
توجد صورة كبرى بها نابليون الثالث والحاج عبد القادر الجزائري وبعض من قرابته واقفين أمامه ، ووالدة الأمير تقبل راحة نابليون كان ذلك إشارة إلى شكرها له عن العفو عنهم. وكان الأمير المذكور استسلم في عقد السبعين من القرن ١٣ للحكومة الفرنساوية ، وهي لم تعامله معاملة الرومان للأمير يوغورطه البربري الذي ألقته حكومة رومة سنة ١٠٦ قبل المسيح في السجن حتى مات جوعا. بل اقتصرت على إبعاده إلى دمشق الشام ورتبت له مائة ألف فرنك سنوية. بسط ذلك السيد