البشير صفر في جغرافيته.
فنابليون يشكر على ذلك الحلم الذي لا زال يعترف به لدولته بعض من عرفناه من ذرية الأمير المنعم. وقد أكرم بلزار قائد الجيش الرومي آخر ملوك الفندال بإفريقيا المسمى جليمار لما تغلب عليه وأخذه أسيرا إلى القسطنطينية ، ولما مثل بين يدي القيصر (يوستنيانوس) فاه بعبارات في تقلبات الدهر وتصرفات الزمان دلت على تفلسفه في الدنيا ونعيمها الفاني وتجلده أمام المزعجات ، فرق له القيصر وأنعم عليه بضياع قضى بها بقية حياته. قرر ذلك محقق التاريخ السيد البشير صفر. وكذلك أحسن الجواب الحسن بن علي آخر ملوك صنهاجة بالمهدية لما سأله عبد المومن بن علي عن التفريط في الملك فأجابه بقوله : سبب ذلك فراغ الأمد ، وعدم الثقة بكل أحد. فحسن ذلك لدى عبد المؤمن وأكرمه. ومن حلم عبد المؤمن أنه لما قال له الإفرنج المحصورون بالمهدية : ما عسى تكون المهدية ومن فيها من الإفرنج بالنسبة إلى ملكك العظيم وأمرك الكبير؟ وإن أنعمت علينا كنا أرقاءك في بلادنا. فرأى منهم كمالا في الأجسام ، وتوادة في الكلام ، فأعطاهم ما أرادوا وجهزهم في سفن إلى بلادهم. قال عبد الله بن جعفر : اصنع المعروف إلى من هو أهله ، وإلى من ليس أهله فإن أصبت أهله فهو أهله وإن لم تصب أهله فأنت أهله.
يد المعروف خير حيث كانت |
|
تلقاها كفور أو شكور |
فعند الشاكرين لها جزاء |
|
وعند الله ما جحد الكفور |
وقد مر بنا أن هنري الرابع يقول إن لذة الانتقام تمر مر السحاب ، ولذة الحلم تبقى مدى الأحقاب.
ومن حلم ملوك القيروان أن أبا يزيد مخلد بن كيداد صاحب الحمار الأبيض والفتنة الدهماء في حروبه مع المنصور العبيدي لما فر مثخنا بالجراحة محمولا بين ثلاثة من أصحابه وسقط في مهواة من الأوعار ، وهز وسيق من الغداة إلى المنصور أمر بمداواته ثم أحضره ووبخه وأقام الحجة عليه وتجافى عن دمه ، وبعثه إلى المهدية