عيناه لما طبع عليه من الرأفة والرحمة وقال : لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه.
وقواعد الإسلام تجيز للأمير القتل والمن والفداء.
غضب كسرى على النعمان بن المنذر وحبسه ، فأعطت ابنته هند عهدا لله إن رده الله على ملكه أن تبني ديرا تسكنه حتى تموت. فخلى كسرى عن أبيها فبنت الدير بالحيرة مما يلي الخندق بالكوفة وأقامت به إلى أن ماتت ودفنت فيه. ولما دخل عليها خالد بن الوليد أحد قواد عمر بن الخطاب عند ما فتح الحيرة قال لها لما عرفها : أسلمي وأزوجك رجلا شريفا مسلما ، فقالت له أما الدين فلا رغبة لي في غير دين آبائي وأجدادي ، وأبت التزويج فقال لها سليني حاجة فقالت : هؤلاء النصارى الذين في ذمتكم تحفظونهم. قال هذا فرض علينا أوصانا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
قالت مالي حاجة غير هذا فقال لها أخبريني بشيء أدركت. قالت ما طلعت الشمس بين الخورنق والسدير الأعلى ما هو تحت حكمنا ، فما أمسى المساء حتى صرنا خولا لغيرنا ثم أنشأت تقول :
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا |
|
إذا نحن فيهم سوقة نتنصف |
فتبا لدنيا لا يدوم نعيمها |
|
تقلب تارات بنا وتصرف |
ثم قالت اسمع مني دعاء كنا ندعو به لأملاكنا : شكرتك يد افتقرت بعد غنى.
ولا ملكتك يد استغنت بعد فقر ، وأصاب الله بمعروفك مواضعه ، ولا أزال عن كريم نعمة إلّا جعلك سببا في ردها عليه ، ولا جعل لك عند لئيم حاجة. ولما خرج من عندنا جاءها النصارى وقالوا ما صنع بك الأمير فقالت :
صان لي ذمتي وأكرم عرضي |
|
إنما يكرم الكريم الكريم |
قاله الحموي.
ومن أكبر صور القصر وأبدعها صورة الهجوم على حلل جيش الحاج عبد القادر