العارضة لها في غالب الزائرين الذين لا يقل عددهم سنويا عن مائة ألف ، مع السكان الذين عددهم نحو خمسة عشر ألفا. هيأت قرية فيشي ، التي عمرانها وما لها من الزائرين لها من جميع الآفاق ، سائر المرافق وأعدت لهم البساتين للنزهة والكراسي المبثوثة في البطحاء الكبرى بجنوب العيون لراحة قصادها مدة ترقبهم الأوقات المأذونين بالشرب فيها ، يؤدون عشرة صانتيمات على الجلوس فيها ، كما نصبت لأموالهم القهوات ومحلات التمثيل وأحمرة يركبونها ، على نحو ما يعلون بالقيروان. تعرفت فيها من الناطقين بالضاد بأبناء المغرب والمشرق ، عرفنا السيد عبد الرحمان برق الليل التاجر الشهير والمثري الكبير بالمغرب الأقصى مترددا بين الجديدة «مازغران» وغيرها ، وتقدر ثروته على ما حكوا بخمسة ملايين. والسيد محمد علي شريف عبد القادر الحسيني مراقب الدين المغربي بالجديدة المذكورة بمملكة فاس.
ذكر لي أنه يعرف القيروان وطلب الدعاء له بها. بلغه الله مقاصده الخيرية. وهو من ذرية ذلك الرجل العظيم صاحب الشمم والمنطاع ، له حد السيف والقلم الحاج عبد القادر الجزائري. وقد ذكرناه في الفصل الخاص بفرساي مع نابليون الثالث الذي امتن على هاته العائلة الكريمة ، فبقي ذكر جميله خالدا ما بقي نسل الحاج عبد القادر معترفا بالجميل ، ومثلهم من لا تضيع لديهم أعمال المحسنين. وعرفت السيد وديع العربي اللبناني محرر جريدة السعادة بالمغرب الأقصى التي انتقلت أخيرا من طانجة إلى رباط الفتح. المركز الجديد لحكومة الحماية ومستقر الدواوين المغربية والمقيم العام الجنرال ليوتي الذي حدث عنه السيد وديع حديثا طيبا ، ويتمنى دوام ولايته حيث كان محسنا للمتوظفين ومالكا لقلوبهم ، حتى إنهم يخدمون معه بقدر ما يسره ويرفع من ذكره ويقدم أعماله لا على قدر ما يلزمهم القيام به من أشغال الوظيف الضرورية فقط. قلت له وهاكذا كان نابليون وبذلك دوخ الممالك. وهي طريقة الخبيرين من قبله وبعده ، أطال السيد وديع بفصاحته العربية وخبرته السياسية في الحديث عن الجنرال ليوتي وما حصل عليه من رضى الأهالي ، وقد حافظ على عوائدهم وأوقافهم وربما نشطهم بما أحدث لهم من النظامات الكفيلة بحسن مستقبلهم ، وذلك ما لم يكن معتادا عندهم ولا مألوفا بينهم ولا يخطر وقوعه ببالهم. قضينا في السمر ليالي مع هذا الرجل الخبير المتوقد القريحة الحاضر الجواب السيد صاحب جريدة السعادة.