المدينة الواحدة تتعدد الأشكال والهيئات ، وفي الغالب بحسب العقيدة والمال والعلم والوظيفة.
قال الإمام مالك قلت لأمي : أذهب فأكتب العلم فقالت : تعال فالبس ثياب العلم ، فألبستني ثيابا مشمرة ووضعت الطويلة على رأسي وعممتني فوقها ثم قالت : اذهب فاكتب الآن.
وفي القيروان قال أبو العرب : كنت آتي إلى محمد بن يحيى بن سلام والطرطور على رأسي ونعلي أحمر في رجلي في زي أبناء السلاطين ، وكان الطلبة ينقبضون مني من أجل ذلك الزي ، فقال لي رجل يوما بجواري : لا تتزي بهذا الزي فليس هو زي طلبة العلم وأهله وزهدني ، فرجعت إلى أمي فقلت نلبس الرداء وثيابا تشاكل أهل العلم والتجار ، فأبت علي وقالت إنما تكون مثل آبائك وأعمامك. فاحتلت حتى اشتريت ثيابا وجعلتها عند صباغ في باب أبي الربيع ، فكنت إذا أتيت من القصر القديم أتيت بذلك الزي الذي تحبه أمي ووالدي ، فإذا وصلت إلى باب أبي الربيع دخلت حانوت الصباغ وخلعتها ولبست الثياب الأخرى. وأحيانا يكون من الضروري اجتناب الأشكال التي يخشى منها اللبس. ومن قديم العهد يختلف اللباس على حسب التقسيم الآتي غالبا : الملوك ، الجند ، القضاة ، الوزراء ، المتصوفون ، التجار ، أخلاط الناس. فكل حزب له شعار ولعل قول الشاعر :
أما الطعام فكل لنفسك ما اشتهت |
|
والبس ثيابك ما اشتهاه الناس |
هو الهيئات العامة المميزة بين هاته الأقسام ونحوها ـ وإن بشكل خيف لبس يجتنب. أما الجزئيات فالبشر ميال للتطور فيها وإنفاذ إرادته فيما يروق له منها. ومن الميل للتفرد في بعض الملابس أن سعيد بن العاص بمكة كان إذا وضع عمامة على رأسه لم يعتم أحد بمثلها ما دامت على رأسه وكذلك فعل الحجاج. ولباس الأمم السالفة كان بسيطا ، فقد كان عيسى عليه السلام لما مر بسفح المقطم عليه جبة صوف وقد شد وسطه بشريط. وسئل نبينا عليه الصلاة والسلام عن صحة الصلاة في ثوب واحد فقال أو كلكم يجد ثوبين. وفرض عمرو بن العاص على بعض أهل