الذمة لكل رجل من أصحابه دينارا وجبة وبرنسا وعمامة وخفين. ولو كان غير ذلك مما اعتيد تحتم لبسه عليهم لفرضه لهم. وفي بعض الأزمنة والبقاع يضم إلى ذلك الملحفة والسراويل كما ذلك عند بربر شمال إفريقيا على ما ذكروه في القرن الرابع بقبيلة برغواطة. وكان البربر يشتملون الصماء بالأكسية المعلمة ويفرغون عليها البرانس الكحل ورؤوسهم في الغالب حاسرة ، وربما تعهدوها بالحلق ، نصّ على ذلك من كتب في أحوالهم. واختلاف ألوان الثياب يتبع العادات ، قالوا إن اللون الأصفر أشكل ، والأحمر أجمل ، والأخضر أقبل ، والأسود أهول ، والأبيض أفضل. وأهل الأندلس يتركون العمامة ورؤوسهم في غالب الجهات حاسرة ويعوضون عن لباس أعالي البدن الطيلسان يضعونه على أكتافهم.
وقال المقري : كثيرا ما يتزيى سلاطينهم وأجنادهم بزي النصارى المجاورين لهم ، فسلاحهم كسلاحهم وأقبيتهم كأقبيتهم ، وكانوا يطلقون شعورهم. ولأميرهم عبد الرحمان الداخل في أوائل القرن الثاني ضفيرتان ، والناس على دين ملوكهم. ومن قبل ذلك موسى بن نصير لما غضب على مولاه طارق فاتح قطر الأندلس ضربه سياطا وحلق رأسه لسبقه بالفتح. وقال ابن الرقيق ، وكان حاضرا عام ٣٠٦ : حلق باديس لحيتي بكار بن جلالة ويوسف ابن حبوس وجعلهما مثلة في العالم ، فعد الحلق عقوبة بحكم عادة إرسال الشعر الذي تفنن فيه البشر إباحة ومنعا في الرؤوس واللحى والشوارب وغير ذلك.
وتقدم الكلام في طولوز على النسوة ذوات اللحى بها ، وذكر ما كانت تقسم به السيدة عائشة رضي الله عنها وهو قولها وحق من زين الرجال باللحى. حيث قلت وحق من زين النساء بعدم اللحى.
وإفريقية التي دار سلطنتها القيروان أربعمائة سنة تماما ، والمهدية نحو مائة سنة ، وتونس زهاء تسعمائة سنة ، كم ظهرت على مراسح أزمنتها من أجيال وأجناس ، وكم تفننوا في أنواع الحلل وأطوار اللباس. فمن ينبئنا ما هي يا ترى؟ وما هي الأطوار في تلك الأدوار؟ وقل من عني من المؤرخين بهذا الموضوع الاجتماعي ، إلّا كلمات في عرض بعض الحكايات يلتقطها الباحث من بيداء المؤلفات وغابات المكتوبات.
ذكروا أن المامون لما استدعى القاضي يحيى وأربعين فقيها وجدوه جالسا على