أكثرها وضلت عن السواد الأعظم من أبناء الجنس ، وربما انقطعت تلك الحلقات وتلاشت أو بادت مع رفاة عظام الآباء والأجداد فذهبت عظامهم وأخبارهم.
فالباحث على تلك الحلقات ربما أصاب منها كثيرا بالحفريات أو بعض المسودات ، ولكن الذي لا زال في طي الخفاء أكثر. على أن الزهد في مسايل التاريخ لو كان قاصرا على البحث وراء المجهول ، أو تنقيح بعض المنقول ، لكان في المسألة رجاء التنبه لمن يقوم بسد هذا الفراغ وإزالة هاته الوصمة. ولكن فتور العزائم دون حب الاطلاع على دواوين هذا الفن ودراستها والعلم بكنوز مخبآتها هو الذي سجل به التاريخ الحاضر على كثير وهم لم يحتفلوا بمواليد لياليه وحوادث أيامه ، ولا بغرايب أشهره وتطورات أعوامه. مع العلم بأن أهم التواريخ ما كتب في الإبان ، وكان عن ثقة أو عيان.
وربما كان التهاون بتدوين التواريخ في أوقاتها هفوة قديمة لم يسلم منها إلّا القليل من الكتاب في بعض العصور لتنبه فطري أو أسباب تبعث على ذلك. فتكون تلك الرسايل من أصح ما يرجع إليه أرباب التثبت ونقلة الأخبار. نعم إن كثيرا من المؤلفات تحتاج إلى التنقيح والتهذيب والبعض الآخر إلى الترتيب والتبويب. وهذا لا يتأتى إلّا بكثرة سواد المتبصرين ، وهو فرع نمو المتعلمين والحفاظ لأنواع العلوم العربية ورواة الأخبار والتراجم والأنساب.
٨. ومرآة التصوير تمثل إلى العين ما لا يقدر القلم على وصفه ، يأخذ بها المسافر صور البلدان والأشخاص والأشجار والأنهار والجبال والمعامل.
وعقب الإياب تكون تلك المناظر الغريبة التي شاهدها في أماكنها مستحضرة بين يديه صورها ، واستحضار الصورة الغريبة مما تميل إليه النفوس وبالأخص إذا كان على وجه محسوس. ولا تكلف المرآة حاملها عناء في طبعها ما يريد في أقل من لمح البصر ، ولا كثرة مصاريف في ثمن البلور وكاغد النقل.
٩. وتخفيف الرحل وتقليل المتاع والاقتصار على قليل الحاجات مما يريح بال المسافر ، ويوفر عليه الوقت في انتظار الكشف عنها بالكمارك ، والمال في أجور النقل للحمالين والعربات التي تأخذ أجرا زايدا عليها من الركاب على حسب تعدد الحقايب. وفي إدارات القطارات محل لحفظها بأجر زهيد. ويليق بالمسافر أن يترك