على أنفسهم خدمة الوطن والدين. هذا وإن إيابكم بأمن الله وسلامته منتظر بفراغ صبر لقص ما شاهدتموه في هاته السياحة المباركة من اللطائف والغرائب والعجائب التي لا بد لها من الفائدة الكبيرة على الأحباب والأصحاب ، والمأمول أن يكون ذلك ملخصا في مسامرة يعقبها نشر بقلمكم المسهب المتعود منه حسن البيان فيما يمليه الجنان. إلى أن قال : وإن تكن القصص مشفوعة بالصور الفوتغرافية ، وهو مما لا يشك فيه ، فالحظ أسعد والفائدة أكبر والرسوخ أثبت والتأثير أقوى. إلى أن قال : أيها الرحالة إنكم بمسامرة تلقونها في العاصمة العتيقة في المدينة الأثرية ، ألا وهي مدينة «القيروان» مضطجع أولئك الأبطال الباسلين الذين جابوا السهل والوعر واحتقروا أشعة شموس إفريقية المحرقة ورمالها الصالية ، مسامرة تستهل بذكر شيء من تاريخ هاته العاصمة صاحبة الماضي الذي لا يقايس ولا يشابه حالتها اليوم. مسامرة تبعثون بها نشاطا في السكان ويتحققون بها وجوب الكد والعمل ، ويجارون الأمم الحية في معترك الحياة ويستنتجون برهانا من أعمال الشعب الفرانسي ناشر لواء حمايتهم الذي ما برح يناديهم بالنهوض والعمل ، مصرحا بتذليل كل صعوبة يلاقونها في سبيل تقدمهم ، ممدا يد الحنو والشفقة لانتشالهم من مخالب الجهل والفقر. إلى أن قال :
وأعيد لكم سلامي وتحيتي إلى الملتقى عن عود حميد بسلامة الله ه. ولم أسمع كلمة قبل سفري جمعت بين الحنان ومتانة الود ، وبين الحث على الاستفادة والإفادة من السفر مثل ما صدر لي من الشريف المفضال العالم النقاد سيدي محمد ابن عاشور ليلة الموادعة ونحن حول مائدته ، وفي دائرة نادي فصاحته ، قائلا : اجعل سفرك قصيرا وحدثنا كثيرا. فأظهر بفصل خطابه وبلاغة قوله في الجملة الأولى التعطف ودلائل المحبة ، وهي إنما تظهر من الصديق المحق وتؤثر على المخاطب في مثل هاته المواقع. وأبان في الجملة الثانية هدية السرور التي يرجع بها الراحل إلى وطنه وليست بعض بضائع باريز ، التي مثلها في تونس ليس بعزيز. وما هي النقطة المهمة المرادة من السفر. ورغبته في الحديث الكثير من السفر القصير إيماء إلى أن الفائدة لا تتوقف على السفر الطويل. كما تواردت علي من خارج المملكة المكاتبات ممن عرفتهم في إعطاء رأيي فيما شاهدته وإظهار كتابة فيما قيدته أثناء الترحال ليطلعوا على