أيام الترحال وأرجو أن تكون فيه فائدة ولم أر من رسمه في طالعة كتاب ، أو نوع ومثل جزيئات الأسباب باستيعاب. وإن لم أبسط القول كما ينبغي في هذا المجال المتسع واقتصرت على ما أمكن وقنعت برسم المثال وتخطيط الأساس ، وعسى أن أشبع القول في مناسبات قابلة إن شاء الله تعالى ، وهو ولي الإعانة والتوفيق. غالبا يكون السفر للأسباب الآتية :
١. المال ـ كالتجارة ، التغلب والاستيلاء ، ما ينشأ عنه من نزوح بعض السكان الأصليين ، الاستجداء بالشعر والتأليف.
٢. العلم ـ كطلب الفنون والصنائع ، حضور المؤتمرات ، المداواة ، تطلّب الأقاليم الملائمة للصحة في بعض الفصول ، استطلاع أحوال الأمم النائية ومعارفها ودرجة عمرانها ، وهو سفر الاعتبار والاطلاع على الآثار.
٣. الدين ـ كالحج والهجرة ، الفرار من الاضطهاد في المال أو النفس في أيام الحروب.
٤. لشئون سياسية ـ كتولي الخطط بالأقطار البعيدة ، السفارة بالهدايا أو للصلح أو للاستنجاد ، تبادل الزيارات بين الملوك ، النفي والأسر.
٥. لأمور أدبية ـ كزيارات الأقارب والأودّاء لإزالة الشوق وتمكين المحبة والوفاء بالعهد. أسفار الزفاف عند بعض الأمم.
١ ـ فالتجارة قديمة العهد يميل لها الأفراد والجماعات والسفر لها إذا كان متخطيا ما جاور أو قرب تكون الأرباح فيه أكثر. أما التجارة البسيطة فتكون حتى للمجاور أو في جهات القطر ، وأفراد هذا القسم وإن كانوا أكثر إلا أن ربحهم أقل لكون حياتهم في أمن ومعاناتهم للشوق والمشاق أقل ، وأوفر ما تكون الأرباح في الفجاج المخوفة ، والمسافة الغير المعروفة ، والأمم الغير المألوفة ، وبقايا من تلك فيما بين المملكة التونسية وسودان الصحراء الكبرى ، وهي بلاد التبروسن الفيل وريش النعام وغير ذلك مما خص الله به تلك الأصقاع التي سادت فيها السذاجة واسودت فيها الأجسام واكفهرت العقول بقدر ما صفا فيه الجو وضحكت النجوم وتجملت الغزالة. ولصاحبنا السيد علان النبيه النشيط نزيل قابس الآن «والذكاء والتجارة من قديم في الشرق