عموما والعراق خصوصا» علم بما يروج في تلك الأقاليم ويجلب منها ، وخبرة بطرقها وحداء نوقها ، حدثنا عنها كثيرا بغرائب وعجائب ، وربما كان من أسباب الأرباح الطائلة في التجارة الحروب في بعض الأقار لكثرة الحاجة وانقباض المخاطر بماله وحياته وقلة الناض ومثل ذلك سنوات الجدب والمجاعة. وفي جميع هاته الأحوال تباع النفائس ما عدا المأكولات ومواد الحرب بثمن بخس لما قررناه ، والغريب أن الحرب موت لأجل الحياة ، وارتفاع الأسعار فيها لمواد الحياة والموت. وقد سافر الأنبياء عليهم السلام والعلماء للتجارة وهي من أسباب الغنى وعلامة على نشاط الأمم وحزم الأفراد. وقد قرروا أن السواد الأعظم من الذين رفعوا منار العرب والعربية ووضعوا قواعد الفخر الباقي كانوا من أهل السياحة والتجارة. ومن أروبا الآن تسير القطارات والسفن مفعمة بالمصنوعات إلى أطراف القارات وفي يد أفرادهم وهم يجوبون في كل مكان كتب بها أمثلة وصور وأسعار كل ما يطلب ترويجا للبضاعة واستدرارا للأموال (وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا). والقيروان من قديم محط ركاب التجارة من المشرق والمغرب والسودان لتوسط الموقع وثروة السلطنة وتعدد نتايج قطرها ومصنوعات سكانها. من ذلك جيد الحبوب ورفيع الزيت وفايق التمر وفاره الحيوان وغريبه ، وأنواع الطّيب وأصناف المنسوجات الصوفية المتقنة. وإلى الآن شيء من ذلك كالبسط بالقيروان والقطيفة بالهمامة والأردية والأكسية والبرد والبرانس الخفيفة بالجريد وشبه هذه بجربة. والبرانس الشتوية بالكاف ودقة. وابن خلدون أشار إلى هذا في شأن جربة بقوله : واختصت جربة بالنسج وعمل الصوف للباسهم فيتخذون منه الأكسية المعلمة للاشتمال وغير المعلمة للباس ويجلب منها إلى الأقطار. والرياسة بها على الكل لبني النجار من الأنصار من جند مضر ، ولاه معاوية على طرابلس سنة ست وأربعين فقدم إفريقية وفتح جربة سنة سبع بعدها. وللمصنوعات الخزفية ونقوشها وأشكالها من عهد الرومان بإفريقيا رونق بديع لا زالت بقايا منه في المتاحف ويستخرجها إلى الآن سكان البادية من مقابرهم بما لا يقل لونها الأحمر القاني عن المصنوعات الملونة الآن بنابل ظرفا وبهاء. ومن أهم صادرات القيروان بالخصوص الصوف لكثرة الحيوان الذي يجد في ساحتها وبسائطها نبتا طيبا ومناخا فسيحا.
ومن المشتهرين الآن بالأسفار من القيروان إلى أروبا للتجارة السيد الحاج حسين