سالم بوحاجب أدام الله نفع القطر به. إلى إيطاليا مع المنعم السيد حسين وزير العلوم وكانت وجهتهما في موضوع واحد شارك في مثله قبل ذلك المنعم الوزير خير الدين التونسي بباريز. سافر ابن خلدون إلى ملك قشتالة بطره بن الهنشة بن أدفونش (هكذا سماه) لعقد الصلح بينه وبين ابن الأحمر ٧١٥ وأثنى على معاملته له وإكرامه وإهدائه له بغلة فارهة. وممن سافر من القيروان المرحوم السيد محمد المرابط الفريق وعاملها فيما بعد. وجهته الحكومة إلى فرانسا عام ١٢٧١ مع اثنين من أبناء العائلة الحسينية لتهنئة نابليون الثالث بالنجاة من اليد العادية التي رمته بالرصاص. وبين هاذين الملكين وداد سابق فقد أرسل في عام ١٢١٨ ملك فرانسا إلى أحمد باي رسولا يعوده لما بلغه خبر مرضه.
وكثيرا ما يسافر الملوك أنفسهم لزيارة بعضهم وينشأ عن ذلك الاجتماع من الحديث في المسايل العظيمة ما لا يمكن أن يقال أو يبرم بواسطة الرسل والرسائل لما بين الملوك من الاحترام والمسارعة إلى الإجابة في الرغايب التي تعرض بلا واسطة.
وهذا الأمر أصبح في العصور الجديدة شائعا. ومن قبل ربما استعظموه وكبر على نفوسهم ويحسبون من العزة والانفراد بالتبجيل وكلمات التفخيم ، وأن الملوك لا تتلاقى إلّا في الحروب ، وأن التساوي في المعاملة فيما بينهم ليس إليه من سبيل ، حيث يحط من كرامة من يعتقد الرفعة على الآخر. وقد قال محمد بن الحكيم إلى أبي يحيى الحفصي لما أراد الاجتماع مع أبي الحسن المريني بالمغرب الأوسط أن لقاء سلطانين لا يتفق إلّا في يوم على أحدهما فكره ذلك السلطان الحفصي وتقاعد عنه ، نقل ذلك ابن خلدون. وقال في شأن اجتماع ملك إسبانيا ويعقوب المريني عام ٦٨٤.
فلقيه أمير المسلمين بأحسن مبرة وأتم كرامة يلقى به مثله من عظماء الملل. قلت ويظهر أن ملوك الأندلس والمغرب الأقصى كانوا أعرف بالسياسة وأكثر خبرة من ملوك بني حفص بمقتضى الحال لمجاورتهم لملوك أروبا. ومن الملوك الحسينيين سافر المنعم سيدي الصادق باي للجزاير ١٢٧٨ لملاقاة نابليون الثالث هناك. وسيدي أحمد باي إلى باريز عام ١٢٦٢ وفي صحبته شيخ المؤرخين بتونس المنعم السيد أحمد بن أبي الضياف وقد وصف طرفا مفيدا من الرحلة والإقامة.
والمنعم سيدي محمد الهادي باي عام ١٣٢٢ ـ ١٩٠٤ إلى باريز رجع الزيارة إلى