المغرب ، وما أتوا على نصفها من مئة سنة ، وأما الجدارات فلا تزال ماثلة كالجبال الشوامخ. الخ.
قلت : وقد مضى على ذلك من عهد هذا الكاتب نحوا من مئة وستين سنة ، ولا تزال آثار إسماعيل في مكناسة الزيتون تحيّر العقول ، وكان يمكن أن تبقى القرون وبعدها القرون ، لو لم تعمل فيها المعاول والفؤوس.
فأما أنّ أولاد السلطان المذكور وحفدته كانوا يهدمون منها ، ويبنون بأنقاضها ، فهذا لعمري شأن جميع ملوك الإسلام وأمرائه وأتباعه تقريبا ، فكلّنا في هذا المعنى من أولاد وحفدة المولى إسماعيل ، لا نعرف سوى هدم ما بناه لنا أسلافنا من مادي ومعنوي على السواء ، وإن بنينا شيئا فإنما نبني بأنقاض الأبنية العتيقة ، نحن هكذا في المشرق والمغرب ، لأنّه لا يوجد أمة يشبه بعضها بعضا مثل المسلمين.
وبرغم كل ما هدمناه وعفّيناه من الآثار ، لا يزال شيء كثير أفلت من تحت معاولنا الهادمة ، ونجا من بين أيدينا الطولى في التدمير ، ولا تزال الإفرنج تصوّر من هذه الآثار ، وتتحف بها العالم المتمدن.
وبين يديّ مجاميع عدة من الصور الفوتوغرافية ، منها ما يشتمل على المباني الإسلامية في المشرق ، ومنها مجموعة خاصة بفلسطين ، ومنها مجموعة خاصة بالأقطار المغربية ، ومنها ما هو خاصّ بالأندلس ، وثمن المجموعة من هذه جنيهان وثلاثة وأربعة جنيهات ، تسمح النفس بها لتزيين قاعة الاستقبال بمثلها ، لأنّها أولى بقاعات الاستقبال منها بخزائن الكتب.
وأمّا من جهة الكتب الخاصة بموضوع الفن المعماري الإسلامي فعدا ما كتب في هذا الباب في أوروبة ، وما برز فيه الدكتور الفيلسوف غوستاف لوبون ، ظهر كتاب حديث لمسيو غروسه ، المتخصص في تواريخ الأمم الآسيوية ، اسمه «مدنيات الشرق» والمؤلف إفرنسي اسمه