شبهات داحضة ، وكرّ عليها بما ينقضها من حجج ناهضة ، بما لم يبق لمعتذر عذرا مقبولا ، ولا لمقصّر قولا معقولا.
ثم إنه لم يقف في ارتساماته دون هذا المقصد الأسمى ، بل ألمّ فيها بكل ما يهمّ المسلم من حال الحجاز وأهله وحكومته ، فأفاض القول في تعظيم شأن المياه فيه ، وما يرجى من زيادتها بالوسائل العصرية ، ولا سيّما الآبار الإرتوازية.
واستشهد التاريخ على ما كان من عناية السلف الصالح بعمرانه ، وحبس الأوقاف الواسعة عليه ، وعناية الخلف الطالح بتخريب ما عمروا ، وإضاعة أكثر ما وقفوا ، وتمهيد حكامهم الفاسقين سبيل ذلك لسالبي ملكهم من المستعمرين ، وضرب لذلك الأمثال بتاريخ أكبر المعمرين من الملوك والأمراء والوزراء.
وأسهب في بيان أحوال المطوّفين والمزوّرين وقناعتهم ، وما يجب من إصلاح حالهم ، ونوّه فيها بفضل الحكومة السعودية الحاضرة ، وخدمة ملكها للحجاز ، وأعظمها والمقدّم منها تعميم الأمنة في بدو البلاد وحضرها ، قريبها وبعيدها ، وما يرجى بحكمته من سائر أركان الإصلاح فيها.
وقد منّ عليّ بأن عهد بنشر هذه «الارتسامات» إليّ ، بأن أطبعها بمطبعة المنار ، وأشرف على تصحيحها بنفسي ، لتعذّر إرسال مثل الطبع (١) إليه في أوربة ، ليتولّى تصحيحها بنفسه ، بل منّ عليّ بالأذن لي بتعليق بعض الحواشي على بعض المواضع التي أرى التعليق عليها مفيدا لقارئيها ، ليكون اسمي مقرونا باسمه في هذا الأثر الخالد له في خدمة العرب والإسلام ، كما منّ عليّ قبله بمثله في رسالته التي جعل عنوانها «لماذا تأخر المسلمون ، ولماذا تقدّم غيرهم»؟ وهي هي الرسالة التي : سارت بها الركبان تطوي نفنفا فنفنفا (٢) ، وسبسبا فسبسبا (٣) ،
__________________
(١) [تجارب الطبع].
(٢) [واديا].
(٣) [صحراء].