أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم أوصى عند موته بثلاث أولها : «أخرجوا المشركين من جزيرة العرب».
وما رواه أحمد (١ : ٢٩) ومسلم (١٧٦٧) والترمذي (١٦٠٧) عن عمر رضياللهعنه أنه سمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «لأخرجنّ اليهود والنّصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما».
وما رواه أحمد (٦ : ٢٧٥) من حديث عائشة رضياللهعنها قالت : آخر ما عهد به رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن قال : «لا يترك بجزيرة العرب دينان».
وروى أبو عبيدة عامر بن الجراح رضياللهعنه قال : آخر ما تكلّم به رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أخرجوا اليهود أهل الحجاز ونصارى نجران من جزيرة العرب» والمراد أنّه آخر ما أوصى به عند موته (١).
وأما آخر كلمة نطق بها صلىاللهعليهوسلم فهي : «اللهم الرفيق الأعلى» (٢).
وقد بيّنت في مواضع من جزء «التفسير» (٣) العاشر وغيره حكمة هذه الوصايا النبوية ، وهي ما أطلع الله تعالى عليه رسوله صلىاللهعليهوسلم وأخبر به ، كما في حديث ثوبان رضياللهعنه (٤) وغيره من تداعي الأمم على المسلمين كما تتداعى الأكلة على قصتها ، وسلبهم لملكهم ، واضطهادهم لهم في دينهم ، إلى أن يضطروا إلى الالتجاء إلى مهد الإسلام الأول ، أو معقله الأعظم ، ومأرزه الآمن ، وهو الحجاز ، وسياجه من جزيرة العرب ، ولذلك أوصى بأن يكون هذا المعقل خاصّا بالمسلمين ، لا يشاركهم فيه غيرهم ، فهذه الوصية من دلائل نبوته صلىاللهعليهوسلم قد ظهر سرّها في هذا العصر.
__________________
(١) [أخرجه أحمد (١ : ١٩٥)].
(٢) [أخرجه البخاري رقم (٤٤٣٥) ومسلم رقم (٢١٩١)].
(٣) [تفسير المنار].
(٤) [أخرجه أبو داود (٤٢٩٧) وأحمد (٥ : ٢٧٨) وهو حديث صحيح أوله : «يوشك أن تداعى عليكم الأمم ...].