شفاني بإذن الله ـ بل الله هو الذي شفاني به ـ من الضعف الذي كنت منه على شفا ، فلا عجب فيما رواه ابن عرّاق من أنّهم كانوا يغبطون من يصيّف بالطائف.
وفيما يروى عن معاوية بن أبي سفيان من قوله : أنعم النّاس عيشا من يقيّظ بالطائف ، ويشتو بمكة ويربع بجدة.
وقال الفاكهي في «تاريخ مكة» : كان للطائف خطر عند الخلفاء فيما مضى ، وكان الخليفة يوليها رجلا من عنده ، ولا يجعل ولايتها إلى صاحب مكة.
ووجد بخط الشيخ أحمد العبدري الميورقي المتوفّى سنة (٦٧٨) أنّه وقع الكلام في ترجيح سكنى الحجاز على سائر الآفاق ، ثم وقع الترجيح بين نواحي الحجاز ومكة والمدينة ، فوقع الاتفاق على أنّ الطائف أقرب للسلامة والسنة ، لعدم مصاحبة أهل الأهواء ، ورؤية من يقسيّ القلب من ذوي الأطماع.
ولم تزل الطائف مصيفا لمكة جاهلية وإسلاما إلى يومنا هذا ، وهي في نظري حارة من مكة ، خاصة بأيام الصّيف ، ولا غنى لمكة عنها.
أول ما يستقبل الإنسان من الطائف هو قصر شبرا ، الذي يخصّ الأشراف ذوي عون ، وهو قصر شاهق ، حوله بستان طويل عريض ، هو أكبر بستان في الطائف ، وجميع الأراضي التي هناك على مسافة بعيدة هي من مضامّ القصر ، وقد بنى إلى جانبه الشريف علي باشا أمير مكة سابقا (وهو مقيم الآن بمصر ، وعهدي به يسكن بجوار قصر القبة بضاحية الزيتون من ضواحي القاهرة) قصرا بديعا ملوكيا ، أنفق عليه عشرات الألوف من الجنيهات ، فجاء أفخم بنية في الطائف ، بل في جميع الحجاز ، وفي هذا القصر نزل السلطان وحيد الدين محمد السادس ، آخر سلاطين بني عثمان عندما جاء إلى الحجاز بعد خلعه ، وذلك بدعوة الملك حسين بن علي ، الذي كان صاحب الحجاز وقتئذ.