أفاض في موضوعه أصحاب التواريخ المارّ ذكرها.
ومع كلّ هذه الأحاديث بقي أناس لا يطمئنون إلى روايات النهي عن صيد وجّ ، فقد نقل صاحب «تحفة اللطائف» عن الميورقي أنّه سأل الشيخ محمد بن عمر القسطلاني إمام المالكية في وقته : هل رأيت في مذهب مالك مسألة في صيد وجّ في الطائف؟
فقال : لا أعرفها ، ولا يسعني أن أفتي بتحريم صيدها إلا بالحديث ، ليس فيها من الأحاديث التي يبتني عليها التحريم والتحليل (١).
موقع الطائف وهواؤها وماؤها
وأما فضل الطائف في صقعها وجودة مائها وهوائها ، فهو مما تواطأ عليه المحسوس والمأثور ، ولست بمستغرب قول بعض المفسرين لقوله تعالى (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١]. إن المراد بالقريتين مكة والطائف.
وكذلك أنا استحلي ما رواه صاحب «تحفة اللطائف» من قول بعضهم : إنّ الطائف من تعاليق مكة ، أي من مضافاتها ، وعندنا في برّ الشام إذا بنيت قرية في طرف قرية نسبت إليها ، وقيل : إنها معلقة لها ، فيقال مثلا : معلقة زحلة ، ومعلقة الدامور وهلم جرا ، فما أجدر الطائف بأن يقال لها : معلقة مكة ، ولعمري لنعم المعلقة هي ، ولا نزاع أنّهما في الأمصار كالمعلقات السبع في الأشعار.
__________________
(١) قال النووي في «شرح المهذب» : وأمّا حديث صيد وجّ ، فرواه البيهقي بإسناده عن الزبير بن العوام رضياللهعنه أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ألا إنّ صيد وجّ وعضاهه ـ يعني شجره ـ حرام» وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيفا ، لكنّ إسناده ضعيف. قال البخاريّ في «تاريخه» : لا يصح ، ثم ذكر الخلاف في وجّ ، هل هو واد بالطائف أو بلد.