وكان بين القتلى جماعة من العلماء والخواص ، ومنهم ويا للأسف المرحوم السيد حسن الشيبي مبعوث الحجاز ، ونجل الشيخ عبد القادر الشيبي كبير سدنة بيت الله الحرام ، وقد كان رحمهالله زميلي في مجلس المبعوثين في الآستانة ، وكان من ذوي الشهامة والأخلاق الزكية ، وكانت بيننا مودة أكيدة.
فانتهز أعداء الملك ابن سعود [عند] هذه الوقعة الفرصة للطّعن فيه ، وحاولوا إيهام الناس أنّه كان راضيا عن هذه الفعلة ، وحاشى له من ذلك ، فإنّها وقعت بدون أن يعلم بها ، وقبل أن يكون جاء إلى الحجاز ، ولما نمى إليه خبرها بمكانه من نجد ، ارتمض جدّا ، وأصدر الأمر تلو الأمر تحت الإنذار بالقتل بعدم التعرّض لأحد من الأهالي ، وبالدخول إلى البلد الأمين بدون سلاح ، فدخل الوهابيون مكة بدون سلاح ، وطافوا واعتمروا ، ولم يمسّوا أحدا بسوء ، مما يشهد به كل أهل مكة.
فأما فاجعة الطائف فقد سبق فيها السيف العذل ، وبقيت في قلب الملك عبد العزيز منها حزازات على سلطان بن بجاد ، لم يثبطه عن عقابه على ما فعله في الطائف سوى حداثة عهده بالاستيلاء على الحجاز ، والتربص ريثما تستتبّ الأحوال ، فاكتفى الملك بادىء ذي بدء بتضميد جراحات أهل الطائف ومواساتهم ، والتعويض عليهم ، ولم يتعرّض لسلطان بن بجاد بسوء ، رعيا لسابق عهده ، حتى فتح هذا على نفسه الباب ، وخرج هو وفيصل الدويش عن طاعة الملك ، وجاذباه الحبل ، وظنا أنّهما بقوة عشائرهما ـ عتيبة ومطير ـ ينالان منه وطرا ، فحاجزهما الملك مدة شهرين ، حتى أعيته فيهما الحيلة ، فلما لم يبق من الدواء إلا الكي ، نهد إلى الثوار ، فمزّق شملهم في أقل من ساعتين ، وطرح منهم بالعراء أكثر من ألفي صريع ، وأخذ مقدّميهم أسرى ، وبينهم ابن بجاد والدويش ، فكان الذين فتكوا بأهالي الطائف الوادعين هم الذين لقوا هذا النكال الشديد ، فنالوا الجزاء الذي يستحقونه على