برد ، فرأينا في طريقنا على مقربة من الوهط آثار قرية دارسة ، يعرف أنها كانت ذات شأن من اتساع جبانتها ، وشاهدنا في الجبانة قبة مهدوما أعلاها ، قائمة جدرانها ، قيل لنا : إنّها قبة سيدنا عكاشة من الصحابة رضوان الله عليهم (١).
فقصدنا إلى ذلك المكان ، فوجدنا مسجدا فيه قبور مشيدة ، منها ما هو قديم من صدر الإسلام ، عليه كتابات بالخطّ الكوفي ، ومنها ما هو من القرن الخامس أو السادس للهجرة ، وشاهدنا من هذا الخط كتابات لم تر عيني أجمل منها في البداعة والاتقان ، وتمنيت أن تنقل تلك الخطوط إما بالليتوغرافية (٢) وإما بالفوتوغرافية ، ولا أزال أحدّث
__________________
(١) الذي رأيته في «تاج العروس» عكّاشة الغنوي ، أورده ابن شاهين في «فضائل الصحابة» من طريق حفص بن ميسرة ، عن زيد بن أسلم ، عنه وحديثه في «سنن النسائي».
وعكاشة بن ثور بن أصغر كان عامل النبي صلىاللهعليهوسلم على السكاسك فيما قيل ، وقال الحافظ : هو الغوثي بالغين والمثلثة.
وعكّاشة بن محصن بن جرثان بن قيس بن مرة الأسدي ، أحد السابقين ، كان من أجمل العرب وأشجع الصحابة رضياللهعنهم ا ه وفي «لسان العرب» عكّاشة (بتشديد الكاف ويخفف) بن محصن الأسدي من الصحابة.
وجاء في «الطبقات الكبرى» لابن سعد : عكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرّة بن كبير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة ، ويكنى أبا محصن ، شهد بدرا وأحدا ، والخندق ، والمشاهد كلها مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وبعثه رسول الله إلى الغمر ، سرية في أربعين رجلا ، فانصرفوا ولم يلقوا كيدا.
قال أخبرنا محمد بن عمر ، قال : حدّثني عمر بن عثمان الجحشي عن آبائه ، عن أم قيس بنت محصن ، قالت : توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعكّاشة ابن أربع وأربعين سنة. وقتل بعد ذلك بسنة ببزّاخة ، في خلافة أبي بكر الصديق سنة اثنتي عشرة ، وكان عكّاشة من أجمل الرجال ، ثم ذكر ابن سعد كيفية مقتل عكّاشة في قتال خالد بن الوليد لأهل الردّة ا ه المؤلف.
(٢)(Lithography) وهي المسّماة الزنكوغراف].