رواه لعبد الرحمن بن معاوية أقطعه قطيعة معروفة. انتهى وهذا أيضا من الباب المتقدم.
وكان ابن عباس أبيض طويلا وسيما جسيما ، مشربا بصفرة ، صبيح الوجه ، له وفرة ، يخضب بالحناء ، وكان يعتمّ بعمامة سوداء ، يرخيها شبرا ، ولعلّ الخلفاء العباسيين اتخذوا السواد شعارا من أجل عمامة جدهم هذه.
وقد روى ابن فهد في «تحفة اللطائف» أنّهم كانوا باقين على لبس السواد إلى عهده ، وقد كانت وفاته سنة (٩٢٢) وكذلك الخطباء في الحرمين الشريفين وغيرهما من بعض البلدان المعظّمة.
قال ابن فهد : وإنّ معتمدهم في ذلك كونه صلىاللهعليهوسلم دخل مكة يوم الفتح ، وعلى رأسه عمامة سوداء ، قد أرخى طرفها بين كتفيه ، وخطب بها الخلفاء كذلك ، لكونه صلىاللهعليهوسلم كان في ذلك اليوم منصورا على الكفار ، فاتخذوه شعارا ، ليكونوا دائما منصورين على أعدائهم.
وسأل الرشيد الأوزاعيّ رحمهماالله تعالى عن لبس السواد فقال : إني لا أحرّمه ، ولكن أكرهه ، قال : ولم؟ قال : لأنّه لا تجلى فيه عروس ، ولا يلبّي به محرم ، ولا يكفّن فيه ميت. فالتفت الرشيد إلى أبي نواس فقال : فما تقول أنت في السواد؟ فقال : النور في السواد يا أمير المؤمنين. ثم قال : وفضيلة أخرى يا أمير المؤمنين لا يكتب كلّ من كتاب الله عزوجل وحديث النبي صلىاللهعليهوسلم وأقوال العلماء رحمهمالله تعالى إلا به ، وهو مضاف إلى الخلافة ، فلما سمع الرشيد هذا الوصفّ في السواد اهتزّ طربا ، وأمر له بجائزة سنية انتهى.
قلت : نسبة هذه الرواية للرشيد خطأ محض ، وكنّا نقول : إنّها سهو ناسخ ، تبدّل لفظة الرشيد بالمنصور ، لو لا مجيء قصة أبي نواس من بعدها ، ووجه الخطأ أنّ الإمام الأوزاعيّ رضياللهعنه توفي يوم الأحد ، أول النهار ، لليلتين من صفر سنة سبع وخمسين ومئة ، هذا الذي عليه