لم أرك هبطت عليّ فيها قط»؟ قال : هذه صورة الملوك من ولد العباس عمّك رضي الله تعالى عنه. قلت : «وهم على حق»؟ قال جبريل : نعم. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اللهم اغفر للعباس وولده حيث كانوا وأين كانوا» قال جبريل : ليأتينّ على أمتك زمان يعزّ الله عزوجل الإسلام بهذا السواد. فقلت : «رئاستهم ممن»؟ قال : من ولد العباس. قلت : «ومن أتباعهم»؟ قال : من أهل خراسان ، قلت : «وأي شيء يملكون»؟ قال : الأصفر والأخضر ، والحجر والمدر ، والسرير والمنبر ، والدنيا إلى المحشر ، والملك إلى المنتشر» ا ه والوضع ظاهر كالشمس في هذا الحديث.
ومن عادة بعض النّاس التزلف إلى الملوك والخلفاء بأقاويل كهذه وهي داخلة في حكم قوله صلىاللهعليهوسلم «من كذب عليّ فليتبوّأ مقعده من النّار» وقد يكون بعضهم ممن يستضعف الحديث ، ولا يثق بإسناده ، لكنّه يرويه عملا بحسن الظنّ بزعمه ، أو اعتقادا للمصلحة فيه ، وهذا من أكبر الخطأ ، ولا سيما إن كان من هذا الباب ، والحق غير محتاج إلى دعامة من الباطل. ولقد انتهى ملك بني العباس ولم يبق إلى المحشر ، كما انتهى ملك بني عثمان في أيامنا هذه ، وذهب معها كلّ ما قيل في خلود ملكهم سدى ، ومن جملة ذلك رسالة للسيد محمود الحمزاوي مفتي الشام رحمهالله اسمها «البرهان على بقاء ملك بني عثمان إلى آخر الزمان» لم أعجب إلا من صدورها عن رجل مثله في سعة علمه وعقله (١).
وقد روى الحافظ ابن الأبّار القضاعي البلنسي في «التكملة لكتاب الصلة» أنّ حيوة بن ملامس الحضرمي من أشراف إشبيلية كانت له منزلة لطيفة من عبد الرحمن بن معاوية (الداخل إلى الأندلس) وروى عن حنش الصنعاني يرفعه أنّ ملك بني أمية لا يزال إلى خروج الدجال ، ولما
__________________
(١) [انظر ترجمته في كتاب «علماء الشام كما عرفتهم» للعلامة محمد سعيد الباني ، ص (٢١٥ ـ ٢٢٧) وهو من منشورات دار القادري بدمشق بتحقيقي].