عام الفتح ، ولي البصرة لمعاوية حين ادعاه ، وضم إليه الكوفة ، فكان يشتو بالبصرة ، ويصيّف بالكوفة ، ويولي على الكوفة إذا خرج منها عمرو بن حريث ، ويولي على البصرة إذا خرج منها سمرة بن جندب ، ولم يكن زياد من القرّاء ولا الفقهاء إلا أنه كان معروفا.
ثم ذكر صاحب «الطبقات» أنّ عائشة أم المؤمنين كتبت إليه كتابا خاطبته فيه بزياد بن أبي سفيان ، ومات بالكوفة وهو عامل عليها لمعاوية.
وكان زياد بلا مراء من أعاظم الرجال ، قال الشعبي : ما رأيت أحدا أخصب ناديا ، ولا أكرم مجلسا ، ولا أشبه سرا بعلانية من زياد.
وقال الأصمعي : أول من ضرب الدنانير والدراهم ، ونقش عليها اسم الله ، ومحا عنها اسم الروم ونقوشهم زياد.
وقال العتبي : إنّ زيادا أول من ابتدع ترك السلام على القادم بحضرة السلطان ، وقالوا : إنّه أول من عرّف العرفاء ، ورتّب النقباء ، ومشى الأعوان بين يديه ، ووضع الكرسي ، وربّع الرباع ، وخمّس الأخماس في الكوفة والبصرة.
ونقل الخير الزركليّ (١) عن ابن حزم مايلي : امتنع زياد وهو قفعة القاع (٢) ، لا عشيرة له ، ولا نسب ، ولا سابقة ، ولا قدم ، فما أطاقه معاوية إلا بالمدرة حتى أرضاه وولاه.
وقال الأصمعي : الدهاة أربعة ، معاوية للروية ، وعمرو بن العاص للبديهة ، والمغيرة بن شعبة للمعضلة ، وزياد لكلّ كبيرة وصغيرة.
__________________
(١) [ما رأيت وما سمعت ص (٦٦)].
(٢) القفعة بفتح أوله ، القفة من خوص ، وقد يكون أعلاها ضيقا ، وأسفلها واسعا ، وفي لبنان يصغرونها ، ويقولون : قفّوعة ، وأما القاع فالأرض المطمئنة ، والمقصود بذلك أنّه ليس بشيء في نسبه وحسبه.