في كتاب «الأغاني» (١) سمّي العرجيّ لأنّه كان يسكن عرج الطائف ، وقيل : سمّي كذلك لمال كان له بالعرج ، وكان من شعراء قريش ، وممن اشتهر بالغزل منهم ، ونحا نحو عمر بن أبي ربيعة في ذلك ، وتشبّه به فأجاد ، وكان مشغوفا باللهو والصيد ، حريصا عليهما ، قليل المحاشاة لأحد فيهما.
نقل السيد خير الدين الزركلي في كتابه «ما رأيت وما سمعت» (٢) عن كتاب «العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين» للمؤرّخ الإمام الحافظ أبي الطيب تقي الدين محمد بن أحمد بن علي الحسني الفاسي المكي ، المتوفّى في منتصف القرن التاسع ، أنّ محمد بن هشام بن إسماعيل كان واليا على مكة لهشام بن عبد الملك ، فسجن العرجيّ في تهمة دم مولى لعبد الله بن عمر ، فلم يزل في السجن إلى أن مات.
ولكنّ رواية «الأغاني» تخالف ذلك ، فهو يقول : إنّه كان يشبّب بجيداء أم محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي ، ليفضح ابنها ، لا لمحبة كانت بينهما ، فكان ذلك سبب حبس محمد إياه ، وضربه له حتى مات في السجن.
وذكر صاحب «الأغاني» أنّه كان صاحب غزل وفتوة ، وقال : إنّه كان من الفرسان المعدودين مع مسلمة بن عبد الملك بأرض الروم ، وكان له معه بلاء حسن ، ونفقة كثيرة.
وذكر أنّ العرجي باع أموالا عظاما كانت له ، وأطعم ثمنها في سبيل الله ، حتى نفد ذلك كله ، وكان قد اتخذ غلامين ، فإذا كان الليل نصب قدره ، وقام الغلامان يوقدان ، فإذا نام الواحد قام الآخر ، فلا يزالان كذلك حتى يصبحا ، يقول : لعلّ طارقا يطرق.
__________________
(١) [«الأغاني» (١ : ٢٥٠)].
(٢) [«ما رأيت وما سمعت» ص (٦٩)].