فمنعوهم منه ، وجرت بينهم حرب ، انتصرت فيها ثقيف ، وتفرّدت بملك الطائف ، فضربتهم العرب مثلا ، فقال أبو طالب بن عبد المطلب :
منعنا أرضنا من كلّ حيّ |
|
كما امتنعت بطائفها ثقيف |
أتاهم معشر كي يسلبوهم |
|
فحالت دون ذلكم السّيوف |
وقال بعض الأنصار :
فكونوا دون بيضتكم كقوم |
|
حموا أعنابهم من كلّ عاد |
وذكر المدائني : أنّ سليمان بن عبد الملك لما حجّ مرّ بالطائف ، فرأى بيادر الزبيب ، فقال : ما هذه الحرار؟ فقالوا : ليست حرارا ، ولكنها بيادر الزبيب ، فقال : لله در قسي : بأيّ أرض وضع سهامه ، وبأيّ أرض مهّد عشّ فراخه ا ه.
قلت : لعلّ سليمان بن عبد الملك سمع بذكر عنب الطائف الشهير ، فحج إليه من بعد أن حجّ البيت ، ورأى ما رأى منه.
وهنا يخطر ببالي قصة عن شدة نهمه رواها عنه أحد أصحابه ، وهو أنّهم ذهبوا معه يوما إلى بستان للنزهة ، فأتوه بزنبيلين ، أحدهما ملآن تينا ، والآخر ملآن بيضا ، فلم يزل يأكل من هذا تينة ، ومن هذا بيضة ، حتى أتى عليهما ، ثم قام يطوف على الأشجار المثمرة ، فقطف بيده من كلّ نوع وأكل أكلا ذريعا. قال رواي القصة : ثم صرنا نقول له : وهذا العنقود يا أمير المؤمنين فيخرطه في فيه (١) الخ فلا عجب أن عرّج أمير المؤمنين سليمان على كروم الطائف ...
* * *
__________________
(١) خرط العنقود : وضعه في فيه ، فقضم حبه ، وأخرج عمشوشه عاريا.