البلاد التي حولها ، فقد يوجد في الهابط من جوارها شيء من النخيل.
قالوا : وكانت الطائف تسمى وجّا باسم وج بن عبد الحي من العماليق ، هو أخو أجأ ، الذي سمّي به جبل طيء ، قالوا : وكان رجل من الصدف يقال له : الدمون بن عبد الملك ، قتل ابن عم له بحضرموت ، وفرّ هاربا ، فأتى مسعود بن معتب الثقفي ، وكان معه مال كثير ، فرغب إلى ثقيف أن يزوّجوه فزوّجوه ، وكان من رأيه أن يبني لهم طوفا مثل الحائط ، حتى لا يصل إليهم أحد من العرب ، فبناه لهم ، فسميت من ذلك الوقت الطائف.
وقيل : بل كانت الطائف بين ولد ثقيف وولد عامر بن صعصعة ، فلما كثر الحيان ، قالت ثقيف لعامر : إنّكم اخترتم العمد على المدن ، والوبر على الشجر ، فلستم تعرفون ما نعرف ، ولا تلطفوه ما نلطف ، ونحن ندعوكم إلى حظّ كبير ، لكم ما في أيديكم من الماشية والإبل ، والذي في أيدينا من هذه الحدائق ، فلكم نصف ثمره ، فتكونوا بادين حاضرين ، يأتيكم ريف القرى ، ولم تتكلّفوا مؤونة ، وتقيمون في أموالكم وماشيتكم في بدوكم ، ولا تتعرّضون للوباء (كانوا يعلمون أنّ الوباء إنما يكون في الحواضر) ولا تشتغلون عن المرعى ، ففعلوا ذلك ، فكانوا يأتونهم كلّ عام ، فيأخذون نصف غلاتهم ، وقد قيل : إنّ الذي وافقوهم عليه كان الربع.
فلما اشتدت شوكة ثقيف ، وكثرت عمارة وجّ رمتهم العرب بالحسد ، وطمع فيهم من حولهم وغزوهم ، فاستغاثوا ببني عامر ، فلم يغيثوهم ، فاجمعوا على بناء حائط يكون لهم حصنا ، فكانت النساء تلبّن اللبن ، والرجال يبنون الحائط ، حتى فرغوا منه ، وسمّوه الطائف ، لإطافته بهم ، وجعلوا لحائطهم بابين :
أحدهما : لبني يسار ، والآخر : لبني عوف ، وسموا باب بني يسار صعبا ، وباب بني عوف ساحرا ، ثم جاءهم بنو عامر ليأخذوا ما تعوّدوه ،