وملخّص الكلام أنّه لا يتصور العقل بلادا تكثر فيها النقوش والرسوم على الحجارة المنضودة في الأبنية أو الصخور المبعثرة في الجبال والفلوات إلا إذا كانت تلك البلاد في أعصرها الخوالي حافلة بالعمران ، موصوفة بكثرة السّكان (١).
ومما لا ريب فيه أنّ الطائف وجبالها كانت من جملة أقسام الجزيرة
__________________
والتاسع : في أمثال حمير ، وحكمها باللسان الحميري ، وحروف المسند.
والعاشر : في معارف حاشد وبكيل. والله أعلم وأحكم.
وكنت سمعت بوجود جزء من هذا الكتاب في مكتبة جامع بايزيد في إستانبول ، فأرسلت إلى الأخ الفاضل خالد بك القرقني الطرابلسي المغربي ، المنسوب إلى بني هود ملوك سرقسطة بالأندلس ، وكان يومئذ بتلك العاصمة ، ليبحث لي عنه ، فوجدهم نقلوه إلى مكتبة دار الفنون ، ونقل لي بعض صفحات منه ، فإذا به الجزء الثامن ، وقال لي : إنّه قد بلغه وجود نسخة من هذا الجزء في برلين ، فلما ذهبت إلى برلين أواخر السنة الماضية (١٩٣٠) بحثت عنه في المكتبة الملوكية ، فوجدت منه جزئين : الجزء الثامن ، والجزء العاشر ، ووجدت مع الجزء العاشر في جلد واحد بعض رسائل منها شيء عن المعادن التي في اليمن ، وكتابا من تأليف الملك الأشرف أبي حفص عمر بن رسول الغسّاني اسمه «طرفة الأصحاب في معرفة الأنساب» فأخذت صور جميع ذلك بالفوتوغرافية ، وبينما أنا مصمم على طبع هذين الجزئين من «الإكليل» إذ بلغني أنّ اللغويّ المحقّق الأب أنستاس الكرملي مباشر طبع الجزء الثامن ببغداد ، معتمدا في ذلك على خمس نسخ وقعت في يده ، وأنه سيطبعه مع حواش وتفاسير ، فلما علمت ذلك وقفت عن طبع هذا الجزء ، حتى أرى ما يكون ، ثم إنّي أرسلت إلى حضرة صاحب السمو صديقي الأمير سيف الإسلام محمد والي تهامة ، ونجل الإمام المتوكل على الله يحيى بن محمد بن حميد الدين صاحب اليمن أسأله عما يوجد من أجزاء هذا الكتاب في اليمن ، فأجابني بأنّه لا يوجد من «الإكليل» إلا جزءان ، وثلاثة قطع متفرقة ، وأنّه مع ذلك سيبحث ثانية ، وهذا ما عرفنا إلى الآن عن هذا الكتاب (حاشية للمؤلف).
(١) [انظر الملحق الأول عن «تاريخ العرب الأولين» للمؤلف ص (٣٨٣)].