وأعظم معدن في جزيرة العرب معدن جبل فاران (١) الذي كان لبني سليم (٢) ، وكان فيه ذهب وحديد.
ولا نعلم أنّه تأسست نظارة خاصة بمعادن الحجاز في الدولة الإسلامية إلا سنة (١٢٨) للهجرة ، وبعد هذا التاريخ بمئتي سنة خربت هذه المعادن ، أو انقطع الاستخراج منها بحسب رواية الأصطخري ، ولم يذكر ياقوت عن استغلالها شيئا.
وليس عندنا عن أسباب ترك العمل في هذه المعادن إلا افتراضات ، فيجوز أن تكون نفدت مادتها ، ويجوز أن يكون إهمالها جاء من قبل الفتح الإسلامي ، الذي نشر العرب في الأقطار ، فقد كانت مكة قبل الإسلام مركزا عظيما للأخذ والعطاء ، ولم يكن ذلك بسبب حركة أهلها وحدهم ، بل بسبب كونها محط رحال القبائل المجاورة ، فقد كانت القافلة الواحدة نحو ألف جمل تتقدمها السواري (٣) وتخفرها ، وتأخذ (٥٠) بالمئة من الأرباح ، وهكذا كان البدو متعلّقين بأهل مكة تابعين لهم ، فلما فتح الإسلام البلدان ، وتفرّق العرب ، لم تبق مكة كما كانت من قبل مركزا كبيرا للأخذ والعطاء ، لكنّها بقيت فيها ثروة غير زهيدة.
وفي القرن الأول من الهجرة كان في الحرمين يسار عظيم ، يستدلّ على ذلك من أنّه لما قتل الخليفة عثمان وجد وراءه من الذهب
__________________
(١) فاران من أسماء مكة المكرمة ، وقيل : هو اسم لجبال مكة ، وفي «التوراة» : جاء الله من سيناء ، وأشرق من ساعير ، واستعلن من فاران. تفسيره : إنّ الله كلّم موسى عليهالسلام من سيناء ، وأنزل الإنجيل على عيسى عليهالسلام في ساعير ، أي جبال فلسطين ، وأنزل القرآن على محمد عليهالسلام في فاران أي جبل مكة.
(٢) جاء في «المعجم» : معدن بني سليم هو معدن فاران ، وهو من أعمال المدينة على طريق نجد. ا ه. من الأصل.
(٣) [الخيالة].