مليون طن من الفوسفات (١) ، وهلم جرا ، مما تعيى العقول عن تصوّره ، وليس في جزيرة العرب شيء من الخيرات التي تقوّم بهذه المليارات من الجنيهات ، ولكنّه بدون شك فيها كثير من المعادن التي يمكن لكلّ من حكومة الحجاز ونجد السعودية وحكومة اليمن الإمامية أن ترتفق به ، وتستعين به لإصلاح بلادها ، وتعزيز أجنادها ، وذلك على شرط أن لا تلجأ في هذ الموضوع إلا إلى رؤوس أموال أصحابها مسلمون ، ليسوا من تبعة الأجانب ، وهذا ممكن إذا أرادته هاتان الحكومتان ، وبدأتا بفحص فني عن هذه الأماكن حتى تعلما ما تحت أرجلهما قبل مباشرة العمل (٢).
* * *
__________________
(١) [الذي يستخرج من البحر الميت هو البوتاس].
(٢) بينما نحن مباشرون طبع هذا الكتاب إذ حدث حادثان مهمان يتعلّقان بالمعادن وأمر التنقيب عنها في الجزيرة العربية وفقا للأمانيّ التي تجول في صدور مفكري العرب ، من استثمار هذه الخيرات العظيمة ، والاستعانة بها على إصلاح أحوال العرب.
وهذان الحادثان أولهما أنّ الإمام عبد العزيز بن سعود ملك الحجاز ونجد وملحقاتها قد انتدب المستر توتشل المهندس الأميركي المتخصص بالمياه والمعادن للتنقيب عن المياه التي يقرب إنباطها والمعادن التي يتحقق وجودها في ممالك الحجاز ونجد ، وأنّ المهندس المذكور قد بدأ بالعمل ، وسار إلى سواحل الحجاز الشمالية ، ورافقه في رحلته الأخ السري الفاضل خالد بك القرقني الطرابلسي المغربي من سلالة بني هود ، الجالين من الأندلس.
وقد جاء في العدد (٣٣٥) من جريدة «أم القرى» الرسمية تاريخ (٢٠) ذي الحجة سنة (١٣٤٩) ما يفيد أنّ المهندس المذكور تجوّل في سواحل الحجاز الشمالية ، ودأب هناك في الفحص والبحث مدة ثلاثة أسابيع ، قطع خلالها مسافة (٣٥٠٠) كيلو متر ، وأنه رأى أنّ المياه في تلك المنطقة لا تقلّ غزارة عن مياه المنطقة الواقعة بين وادي فاطمة وجدة ، وأنّها قريبة جدا من سطح الأرض ، لا يتجاوز أقصى عمق لها عشرة أمتار ، كما أنّ إماهة المياه في هذه المنطقة لا يحتاج فيها إلى حفريات إرتوازية.