يكن أمامه العمق الهائل فقط ، بل العمق الهائل والعرض المدهش ، فللنظر هناك مدّ ليس له حدّ.
وتكتب الهدة بتشديد الدال ، لكن غلب عليها التخفيف ، وقد ذكرها ياقوت في «المعجم» وقال : إنّها مكان بين مكة والطائف فيه القرود (١).
قلت : والقرود توجد في جبل الكمل الذي فوق الهاد ، وتقدم ذكره ، وتكثر في بعض جبال الحجاز ، ولكنها في جبال اليمن أكثر جدا.
ومن كثرة ما توصف اليمن بالقردة صار الذين يريدون أن يتنادروا على أهل اليمن يقولون : إنّ أباهم قرد.
روى ياقوت أنّ زياد بن عبيد الله الحارثي خال الخليفة أبي العباس السفاح اجتمع بابن هبيرة الفزاري ـ وكان الأول يمانيا ، وكان الثاني قيسيا ـ فقال ابن هبيرة لزياد : ممّن الرجل؟
فقال زياد : من اليمن.
فقال ابن هبيرة : فأخبرني عنها.
__________________
(١) اقتصر الأمير هنا على هذا خلافا لعادته في الاستقصاء ، وقد ذكر ياقوت في حرف الهاء ثلاثة مواضع :
(١) (الهدى) المقصور ، قال : (الهدى) بالفتح منقول عن الفعل الماضي من هدى يهدي إذا أرشد ـ موضع في نواحي الطائف.
(٢) (الهدّة) بالفتح ثم التشديد ، وهو الخسفة في الأرض ، و (الهدة) الهدم ـ وهو موضع بين مكة والطائف ، والنسبة إليه هدوي ، وهو موضع القرود ، وقد خفّف بعضهم داله.
(٣) (الهدى) بتخفيف الدال من الهدي أو الهدى بزيادة هاء ـ بأعلى مرّ الظهران بمدرة أهل مكة ، والمدر طين أبيض يحمل منها إلى مكة ، تأكله النساء ، ويدّق ويضاف إليه الأذخر يغسلون به أيديهم ا ه وذكر هذه في «التاج» وزاد أنّ بعضهم يزيد فيها ألف فيقول الهداة. أقول : ولم أسمع من نطق أهل مكة إلا (الهدى) بالفتح والقصر. ا ه مصححه.