المواشي والصيد ، وغير ذلك مما اعتمد فيه على الكتابات الحجرية من جهة ، وعلى شهادات المؤرخين والسياح من جهة أخرى. وقد استقى في هذا التأليف من بعض منابع (١) مجهولة حتى الآن نظير الآثار التي جمعها كلازر ، ولم يتيسر له نشرها كلها. وبالجملة فرأي محققي الإفرنج عن بلاد العرب يتلخّص فيما يلي :
الأول : أن المدينة العربية ـ لا سيما في جنوبيّ جزيرة العرب ـ هي من أقدم مدنيات العالم وأرقاها ، وهم على خلاف فيما إذا كان الساميّون هم الذين نزحوا من جزيرة العرب إلى بلاد بابل ؛ أو كانوا نزحوا من بابل إلى الجزيرة ، وكل فئة من المؤرخين تفترض افتراضات لا يمكن معها الجزم بشيء.
الثاني : أن أهم أمة في الجزيرة العربية في الثروة والعظمة والآثر في الأرض كانت أمة سبأ ، وكان يعاصرها ويضارعها المعينيون وقحطان وحضرموت ، وأن هاتين الأمتين سبأ ومعين بقيتا سائدتين إلى الزمن الذي ظهرت فيه الدولة الحميرية ، وأنّ هذه الدولة تغلّبت على اليمن ، وبقيت فيه إلى أن جاء الأحبوش فاستولى على اليمن ، وأزال ملك الحميريين ، وبقيت اليمن خاضعة للحبشة حتى جاء الفرس ، فأزالوهم عنها ، وبقيت اليمن تابعة للأكاسرة حتى ظهر الإسلام.
الثالث : أن تاريخ اليمن وبلاد العرب أجمع لم يكن له منابع (٢) سوى العهد القديم ، وكتابات هيرودوت ، وسترابون ، وديودور ، وأنختريد. وغيرهم من يونانيين ورومانيين ، مع بعض تواريخ للعرب أنفسهم بعد الإسلام ، مما اختلط فيه التاريخ بالخرافة. فيجب على الناظر في التواريخ العربية أن يجّرد الأقاصيص من الأخبار التاريخية ، وأنّ أحسن ما كتب عن جزيرة العرب بأقلام العرب هو كتب الهمداني
__________________
(١) [مصادر].
(١) [مصادر].