سبأ ، واستخراجها للذهب والحجارة الكريمة التي كانت تبيعها من البطالسة بمصر (١) ، وإلى الفينيقيين بالشام ، هذا مع تجارة العنبر وعود الطيب ، وأيّدت «التوراة» هذه الروايات كلها.
جاء في «الأنسيكلوبيدية الإسلامية» أنه لا مبالغة فيما نقلوه من أنّ أبواب منازل سبأ وجدرانها وسقوفها وأعمدتها كان منها الكثير مموّها بالذهب والفضة ، مرصعا بالحجارة الكريمة ، وأن آنيتهم كانت مصوغة من أنفس المعادن. وهذا ما ذكره الهمداني والمسعودي وغيرهما من مؤرخي العرب ، وما أيدته الكتابات الصخرية نفسها فيما ترويه عن التقادم (٢) العظيمة من الذهب والفضة ونفائس الأحجار. وقد وجد كثير من المسكوكات السبئية ومن الحلي تؤيد أيضا روايات الرواة من كل قبيل.
وقد عني بعض علماء الإفرنج بالتنقيب عن هذه الحياة الاقتصادية التي كانت في اليمن السعيدة من جميع نواحيها ، وكان السابق في هذه الرحلة رودوكناكيس (Rhodocanakis) الذي ألف كتابا استخرج فيه من الكتابات الحجريّة مما أمكنه أن يستخرجه من المسائل الاقتصادية التي كان يعوّل عليها أهل اليمن ، والمسائل الحقوقية المتعلقة بها.
وثبت من هذه التدقيقات أنّه يوجد عند العرب الأولين قانون صارم يقتضي استثمار الأرض بدون إهمال شيء منها ، وأنّه كان يوجد إدارة خاصة لأجل تقسيم المياه وتوزيع الأعمال الزراعية ، وهذه القوانين المتعلقة باستثمار الأرضين ، واستيفاء أسباب القيام عليها ؛ كانت متشابهة في جميع بلاد العرب الجنوبية. وهذا البحث قد حمل كرومان (Grohmann) على تأليف كتاب خاص بهذا الموضوع وصف فيه طبقات الأرض والمناخ ، وكيفية توزيع المياه ، واستخراج المعادن ، وتربية
__________________
(١) [انظر عن معادن الذهب والفضة (٣٠٥) من هذا الكتاب].
(٢) [الهدايا].