الذين وجّهوا لصفاء عرق الجواد أشدّ الاهتمام ، وإنّ جميع حيوانات العرب الفارهة لها أنساب يعتني العرب بحفظها بمزيد من الدقة. قال : وليس عند العرب دفتر نفوس عمومي للخيول ، ولكن كلّ فرس كريم معه حجة يتبيّن منها نسبه ، فلا تختلط عندهم الخيل الأصيلة بغيرها (١).
أما الإنكليز فقد نظّموا ذلك ، وجعلوا للخيل دفاتر نفوس رسمية ، منها ما يسمونه (Stud ـ Book) يذكرون به أصل الحصان وسلسلة نسبه ، ومنها المسمى (Cing Calender) يذكرون فيها أوصاف الحصان وشيته. وما عملوه لأجل الخيل وحفظ أرسانها ؛ عملوه أيضا لأجل البقر ، ولأجل الغنم. ولكن الفرق بين البقر والغنم أنّ النسب في البقر يكون للثور بمفرده ، وأما في الغنم فلا يكون للشاة بل للقطيع كله.
ويرى العلماء في تربية الحيوانات أنّه لأجل إصلاح جنسها يكون ضروريا الوقوف على أنسابها. انتهى.
والأنساب معروفة للهررة أيضا ، فهي كالخيل ، كلّما كان الجواد عتيق الأصل كان أحسن جريا ، وكذلك كلّما كان الهرّ أصيلا كان أحسن صيدا للفئران.
وبالإجمال إصلاح الأجناس بالتزاوج وبالتربية وبالتغذية ، سواء كان في الآدميين أو كان في الحيوانات الداجنة ، يتوقّف على حفظ الأنساب ، والعناية بعتقها ، ولا يزال الحديث الشريف : «اطلبوا كرام المناكح ، فإنّها مدارج الشرف» (٢) ، من أصدق القواعد العلميّة ، والحقائق العالميّة.
* * *
__________________
(١) [وكذلك يعتنون بأنساب الإبل].
(٢) [لم أجده ، وحسبنا قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تنكح المرأة لأربع : لمالها ، ولحسبها ، ولجمالها ولدينها ، فاظفر بذات الدين تربت يداك» متفق عليه].