وكلّ سنة يستزيد الدكتور حمدي جانبا من المخصصات المالية ، لأجل القيام بتدابير صحية جديدة ، وفي هذا الموسم رأيت العربات في منى ترشّ الحوامض المطهرة ، فكان لذلك أحسن وقع في النفوس.
وأما الجمد فتقاتل به الصحية كثيرا من الأمراض ، ولا سيما الحمى ، وإن كانت تنهى عن الإفراط في شرب الماء المذاب من الثلج ، فالثلج إذا اقتصد في شربه روح للأرواح ، وشفاء للملتاح ، في مثل الحجاز (حاشا الطائف وجبالها حيث لا لزوم له ألبتة) وكنت هممت بنشر رسالة اسمها «قطف العسلوج ، في وصف الماء المثلوج ، بجوار البيت المحجوج» أصف فيها محاسن هذا الماء في مكة أيام القيظ ، وأجعلها تقدمة للأستاذ الأكبر السيد محمد رشيد رضا.
ونعود إلى حديث الماء في مكة ، فقد سمعت أنهم حفروا فيها في محلة الشهداء ، فعثروا على قني قديمة عدملية (١) تحت الأرض ، وعلى مياه جارية ، وأخرى مطمورة ، ولعلّ الحكومة السعودية تتابع الحفر في هذه المحلة ، فتنشر هذه المياه من قبرها ، ولعلّها تهتم بإضافة مياه من وادي نعمان إلى عين زبيدة.
ولكنّ هذا العاجز يرى أنّ كلّ هذه الجهود لا تغني عن مشروع آخر لا بدّ منه للبلد الحرام والمشاعر العظام ، وهو احتفار الآبار الإرتوازية.
إنّ مكة اليوم أصبحت لا تكتفي بسدّ حاجتها من جهة الشرب ولوازم البيوت ، ولو فاض فيها الماء فيضانا يغني الحاج والسكان عن شراء الماء بالدرهم ، بل مكة محتاجة إلى مياه تكفي لرش طرق ، وسقيا حدائق بلدية ، وإحدار شلالات من مرتفعات مكة الكثيرة ، وإنّ مكة بعد اليوم لمحتاجة إلى ري الشجر ، فضلا عن ري البشر.
ذلك أنّ فصول مكة الأربعة تنحصر في فصلين :
__________________
(١) [قديمة].