قبله وهو عام ثمانية (١) وثمانين ، حتّى افترق الموسم (٢) فرقتين ، فوقف بعضهم ـ وهم أكثر المغاربة ـ يوم الجمعة ، ووقف سائر النّاس يوم السّبت وهو كان الوقفة ، ولكنّ أكثر النّاس قد أغراهم الجهل بوقفة الجمعة ، وأغواهم [٩٩ / ب] الشّيطان بها ، حتّى صاروا إذا وجدوا أقلّ ذريعة ، وأضعف سبب إلى تغيير الوقفة ، فعلوا ذلك ليكون وقوفهم يوم الجمعة ، وإن كان (٣) في غير (٤) موضعه ، فيبطلون حجّهم رياء وسمعة (٥) ، وكنت أتلمّح لهم عذرا ، وأقول : لعلّ فيهم من رأى الهلال تحسينا للظّنّ بهم ، مع علمي بأنّ النّاس إنّما ضحّوا في ذلك العام في الغرب والشّرق (٦) ، وفي كلّ أرض يوم الأحد ولم يقع في ذلك خلاف إلّا بعرفة خاصّة ، وما قطع اعتذاري لهم إلّا أن عرّفني الحجّاج غيرهم بأنّهم لم يدّعوا (٧) رؤية الهلال ، وأنّ من يقتدى به فيهم قد سئلوا عن ذلك فلم يدّعوا (٨) رؤيته ، وإنّما زعموا أنّهم علموا ذلك من غير طريق الرّؤية ، تسوّرا على الجهل وتكلّفا للفضول. وهذه العلّة في هذه القضيّة قديمة ، شكاها (٩) ابن جبير في رحلته (١٠) وحكاها على نحو ما اتّفق في هذه سواء. وكذلك حكى من جهلهم وضلالهم ما هو مستّمر إلى الآن في جبل ثور (١١) في الغار الّذي دخله
__________________
(١) ليست في ط.
(٢) في ط : الناس.
(٣) في ط : كانوا.
(٤) ليست في ت.
(٥) يقال : فعل ذلك رياء وسمعة : أي ليراه الناس ويسمعوا به.
(٦) في ت : الشرق والغرب.
(٧ ـ ٧) ـ سقطت من ط.
(٨) في ت : حكاها.
(٩) رحلة ابن جبير ١٤٦.
(١٠) ـ يقع بأسفل مكة ، وهذا الغار مشهور عند الناس ، ووسّع بابه الضّيق لانحباس بعض الناس فيه حوالي سنة ٨٠٠ ه. انظر العقد الثمين ١ / ١٠١.