ثم تذكر القصة إرسال السعدين إلى بني قريظة (١).
ونقول :
إن هذه الرواية لا تصح ، وذلك للأمور التالية :
أولا : إنها تخالف سائر الروايات وتناقضها ؛ لأنها مجمعة على أن السعدين هما اللذان جاءا بخبر نقض بني قريظة للعهد.
وحاول البعض توجيه ذلك ، ورفع التنافي فقال : «لا منافاة بين إرسال الزبير وإرسال هؤلاء ، لاحتمال أنهم أرسلوا دفعة ، أو بعد إرساله ، وخص هؤلاء القوم بالإرسال لأنهم حلفاؤهم ، فيحتمل أن يرجعوا إلى العهد بعد نقضه حياء من حلفائهم ، فغلبت عليهم الشقوة» (٢).
وقال الحلبي : «ولعل هذا ـ أي إرسال السعدين ومن معهما ـ كان بعد إرسال الزبير إليهم ليأتي بخبرهم ، هل نقضوا العهد استثباتا للأمر» (٣).
ونقول :
إن احتمال إرسال الزبير بعد تلك الجماعة ليس له ما يبرره ، إذ إن إخبار هؤلاء الكبار كان يكفي في ثبوت هذا الأمر لديه «صلىاللهعليهوآله».
وأما إرسال الزبير قبلهم ، فهو أيضا في غير محله ، إذا كان «صلىاللهعليهوآله» عازما من أول الأمر على إرسال تلك الجماعة ، إذ إن إرساله لا يفيد شيئا في حصول اليقين له «صلىاللهعليهوآله» ، أما مجرد الاحتمال فقد
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٤٥٧ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٢٧.
(٢) السيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٥.
(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٧.