والأمور الشخصية يحكم بها عقلاء القوم ويحسم الأمر فيها نفس أصحاب العلاقة بما هم أفراد. والجوار يحفظ هؤلاء الأفراد ويحميهم من الانتقام ..
وبذلك يكون قد أخرج قريشا من دائرة الصراع ، ونفى أية مسؤولية لها فيه ، وأبعد النبي «صلىاللهعليهوآله» عن أن يكون له الحق بالمطالبة بديات أو بقصاص ، ما دام أن المسألة فردية ، ولا شيء أكثر من ذلك.
وبذلك يكون قد أخرج النبي «صلىاللهعليهوآله» ، واضطره إلى إمضاء هذا الجوار ، فإذا ظهر أن أحدا قد ارتكب جرما ، فإن الجوار الذي شمله سوف يمنع من إجراء أي حكم عليه ..
ولو أريد فعل شيء من ذلك ؛ فإن إقناع الناس بأن هذا مما لا تصح الإجارة منه سيكون صعبا ، وسيحدث بلبلة كبيرة ، ويسيء إلى الذهنية العامة ، وربما يحدث إرباكا ضارا ، ويترك آثارا سلبية لا مجال لتلافيها ..
على أن هذا الموقف من شأنه أن يظهر أبا سفيان على أنه رجل سلام ، يريد حقن الدماء ، ويملك مشاعر إنسانية ، ومن لا يستجيب لطلبه هذا فإنه يكون متهما في ذلك كله.
فطلب من أبي بكر أن يجير بين الناس ، وكذلك من عمر ، ومن عثمان ومن سعد بن عبادة ، وعلي «عليهالسلام» ، وأشراف المهاجرين والأنصار. وكان يسمع منهم جميعا رفضا لهذا الأمر أكيدا ، وشديدا.
فتوسل بالزهراء «عليهاالسلام» ، ثم توسل بالسبطين الحسن والحسين «صلوات الله وسلامه عليهما» ، فلم يجده هذا التوسل نفعا ، بل كان الجواب دائما هو الرفض الأكيد ، والشديد ..