النبي «صلىاللهعليهوآله» نفسه أن يجعل الناس في جواره ، فإن ذلك يكفي لمنع المعتدين من مواصلة عدوانهم. فلماذا يدعو الآخرين ليجيروا الناس من رسول الله «صلىاللهعليهوآله»؟! أليس لأجل أنهم اقترفوا ما يستحقون به العقوبة منه «صلىاللهعليهوآله» ويريد ان يخرجهم من ورطتهم تلك بهذه الطريقة؟! وإذا صح هذا الأمر فلماذا لا يعترف لنا بهوية المجرم وبحقيقة جرمه؟
ثم إنه إذا كان يعتقد : أن الجوار على رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يعطي من يفعل ذلك وجاهة وعظمة ، كما هو الحال عند سائر الناس ، فهو في وهم كبير ، لأن هذا الأمر لا يجري فيما بين الأنبياء «عليهمالسلام» ، وبين المؤمنين ، لأنه يستبطن الإعلان عن وجود خلل إيماني لدى من يفعل ذلك ، من حيث إنه يخطّئ نبيه في تصرفاته ، ويراه ظالما في موقفه ممن يجيره منه ، أو يرى أن ذلك النبي يعمل عملا مرجوحا ، ويترك ما ينسجم مع العفو والكرم ، وحسن الشيم ، ومع النبل والشمم ..
ولأجل هذا أو ذاك يبادر إلى الحد من قدرته على التصرف ، ومحاصرة قراراته ، ليمنعه من الغلط والشطط ..
وهذا الأمر مرفوض من الناحية الإيمانية ، لأنه تشكيك بالعصمة ، أو اتهام للنبي «صلىاللهعليهوآله» في ميزاته وصفاته ، وأنها لا تصل إلى حد الكمال.
ولو كان أبو سفيان يفهم معنى الإيمان ، ويدرك ما له من تبعات وآثار ومسؤوليات لما أقدم على هذا الأمر المشين والمهين ..