أهل الإيمان مع بعضهم ، ومع الآخرين ..
نعم ، إن ذلك كله ينتج درجة عالية من الاعتماد ، ورؤية واضحة لمسار الأمور ، فيما يرتبط بتعهدات الآخرين ، ووفائهم بالتزاماتهم ، وقيامهم بواجباتهم الدينية والأخلاقية ..
ولكن ذلك كله مفقود في مجتمع الشرك والكفر. وتبقى الضمانة لتعهدات الأشخاص عندهم في مهب رياح المصالح والأهواء ، ومحكومة للنزوات والأهواء والشهوات والميول ، ولتقلبات الأمزجة الفردية ..
ولأجل ذلك نلاحظ : أن المشركين يتهمون حتى زعيمهم أبا سفيان أشد التهمة ، لمجرد زيادة غيبته عن المدة التي يتوقعونها ، ويقولون عنه : إنه قد صبأ ، واتبع محمدا سرّا ، وكتم إسلامه.
وقد بلغت هذه التهمة من القوة والشدة حدا اضطر معه هذا الزعيم إلى أن يحلق رأسه عند أساف ونائلة ، وأن يذبح لهما ، وجعل يمسح بالدم رؤوسهما (كذا) ، ويقول : «لا أفارق عبادتكما ، حتى أموت على ما مات عليه أبي» ، إبراء لقريش مما اتهموه به.