بسياسة الإسلام ومفاهيمه ، فقد عرض عليه «صلىاللهعليهوآله» أن يهاجم بني مدلج ، تحت وطأة إغراء قوي في اتجاهين :
أحدهما : إغراء الجنس ، ففي بني مدلج بيض النساء.
والآخر : إغراء المال ، لأن لدى بني مدلج أدم الإبل.
ولكن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» رفض ذلك ، ولم يكن رفضا مبهما ، ومن دون توضيح ، بل هو رفض معلل ، يعطي قاعدة هامة فيما يرتبط بسياسة الإسلام تجاه الآخرين.
حيث قرر أن التشريع الإسلامي لا يبيح مهاجمة الآخرين بصورة عشوائية ، وبلا ضابطة. بل ذلك له منطلقات وضوابط أحكامية لا تجوز مخالفتها ، ومن يفعل ذلك يعرض نفسه للعقوبة الإلهية.
وهذه القاعدة هي : أن لأعمال العباد تأثيرا في اتخاذ أي موقف منهم ..
فلا تجوز مهاجمة بني مدلج ، حتى لو كانوا على الشرك ، وفي حالة عداء للمسلمين ، لأن فيهم خصالا تمنع من ذلك ، ذكرت الروايات منها :
أولا : أنهم يصلون رحمهم ويبرون آباءهم ..
الثاني : أنهم لا يقتلون الإبل كيفما اتفق ، من أجل الاستفادة من لحمها ، وإنما ينحرونها بالطريقة الصحيحة ، وفق أحكام الشرائع التي بلغتهم ، أي بالوكز في لباتها ..
وبعد ما تقدم نقول :
١ ـ إنك تجد لمحة من الرقة ، والرفق ، والرحمة ، والشعور الإنساني ظاهرة في كلا هذين الأمرين .. وقد جاء الحكم الناشئ عن ذلك بعدم جواز مهاجمة هذا النوع من الناس منسجما مع خصوصية الرحمة والرقة