والرقة والمسؤولية التي أظهرها رسول الله «صلىاللهعليهوآله» على الحيوان ، لتكون الرحمة هي الأساس الذي لا بد من أن يبنوا عليه علاقاتهم بالحيوان ..
وإذا كانت علاقاتهم بالحيوان لا بد من أن تصل إلى هذا الحد ، فما بالك بعلاقاتهم ببني الإنسان.
٥ ـ لقد كان بإمكان رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أن يوقف الجيش ، ثم يطلب إقصاء تلك الكلبة عن ذلك المكان ، ليمر الجيش وتكون هي وأولادها منه في مأمن وسلام ..
ولكنه لم يفعل ذلك ، لأن الذين سوف يعرفون سبب إيقاف الجيش ، ويعاينون مبرراته عن قرب سيكونون قلة قليلة من الناس ، وهو يريد إشاعة هذه السياسة ، وتعريف أكبر قدر ممكن من الناس بها ، فكان أن وضع لها حارسا يرشد الجيش إلى لزوم الابتعاد عنها ، ولو باختيار مسار آخر .. ربما لأن إبعادها عن الطريق ليس بأولى من الابتعاد عن طريقها ، وكلا الأمرين يرجعان إلى اختيار السالكين ، ولا تكون حقوقها مرهونة بإرادات الناس ، بل لا بد لإراداتهم من أن تنطلق وتتبلور على أساس المفروغية عن ثبوت تلك الحقوق ومراعاتها ..
٦ ـ لا بد لذلك الجيش من أن يدرك أن انشغال القائد بالقضايا الكبرى لا يبرر له تضييع ما عداها ، ما لم يضر الاهتمام بها بالقضية الكبرى ، إذ إن الأمر الصغير كبير في حد ذاته وفي موقعه ، ولا يغني عنه سواه ، ولا يصح التخلي عنه إلا إذا تصادم مع ما هو أكبر وأخطر ، بحيث يشكل خطورة عليه ، كما هو ظاهر.